للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: تعريف النَّبي والرَّسول في الشَّرع والفرق بينهما

اختلف العلماءُ في تعريف كلٍّ منهما، قال القاضي عياض - رحمه الله -: "واختلف العلماء هل النَّبي والرَّسول بمعنى أو بمعنيين فقيل: هما سواءٌ، وأصله من الإنباء وهو الإعلام، واستدلُّوا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} (١) فقد أثبت لهما معًا الإرسال قال: ولا يكون النَّبي إلا رسولًا، ولا الرَّسول إلا نبيًّا.

وقيل: هما مفترقان من وجه .. إذ قد اجتمعا في النُّبوة التي هي الاطلاع على الغيب، والإعلام بخواص النبوة أو الرِّفعة لمعرفة ذلك وحوز درجتها.

وافترقا في زيادة الرِّسالة للرَّسول، وهو الأمر بالإنذار والإعلام كما قلنا، وحجتهم من الآية نفسها التفريق بين الاسمين، ولو كانا شيئًا واحدًا لما حَسُن تكرارهما في الكلام البليغ.

قالوا والمعنى: وما أرسلنا من رسول إلى أُمَّة، أو نَبيٍّ وليس بمرسلٍ إلى أحد.

وقد ذهب بعضهم إلى أنَّ الرَّسول قد جاء بشرعٍ مبتدأ، ومن لم يأت به نبيٌّ غير رسول، وإن أُمر بالإبلاغ والإنذار.

والصحيح والذي عليه الْجَمَّاءُ الْغَفِيرُ أَنَّ كُلَّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلُّ نبيٍ رسولًا" (٢).

قال الشوكاني - رحمه الله -: "والنَّبيُّ في لسان الشَّرع: من بعث إليه بشرع، فإن أُمر بتبليغه فرسول، وقيل: هو المبعوث إلى الخلق بالوحي لتبليغ ما أُوحاه، والرَّسول قد يكون مرادفًا له، وقد يختصُّ بمن هو صاحب كتاب، وقيل: هو المبعوث لتجديد شرع أو تقريره، والرَّسول هو: المبعوث للتجديد فقط، وعلى الأقوال: النَّبي أعمُّ من الرَّسول" (٣).


(١) سورة الحج: ٥٢.
(٢) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ١/ ٤٨٨ - ٤٨٩.
(٣) نيل الأوطار ١/ ١٩.

<<  <   >  >>