للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن أبي العز - رحمه الله -: "والمحققون من أهل السُّنَّة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة كونيَّة خلقيَّة، وإرادة دينيَّة أمريَّة شرعيَّة" (١).

أولاً: الإرادة الكونيَّة القدريَّة:

وهي المشيئة الشَّاملة لجميع الحوادث والتي تتعلَّق بما أراد الله - عز وجل - فعله، وتستلزم وقوع المراد، وهي كقول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (٢).

الأدلة عليها:

كقوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (٣)، وقوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٤).

"فهذه الإرادة تعلَّقت بالإضلال والإغواء، وهذه هي المشيئة فإنَّ ما شاء الله كان" (٥).

ثانيًا: الإرادة الدينيَّة الشرعيَّة:

وهي الإرادة المتعلِّقة بالأمر الذي يريد الله - عز وجل - من العبد فعله، وهي المتضمِّنة للمحبَّة والرِّضا، ولا تستلزم وقوع المراد إلا إذا تعلَّقت بالإرادة الكونيَّة (٦).


(١) شرح العقيدة الطحاوية، ص ٦٩.
(٢) ينظر: منهاج السُّنَّة النبوية ٣/ ١٦، مجموع الفتاوى ٨/ ١٨٩، تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي، ص ١٥١ - ١٥٣.
(٣) سورة الأنعام: ١٢٥.
(٤) سورة هود: ٣٤.
(٥) منهاج السُّنَّة النبوية ٣/ ١٦.
(٦) المرجع نفسه ٣/ ١٥٦.

<<  <   >  >>