للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: أمور يجب على المريد أن يسلكها

من جملة الأمور التي يسلكها المريد وبدونها لا يصل لمقام الولاية -حسب زعمهم- المجاهدة والعزلة، والصوم، والجوع، وتسليط النَّاس، والتجرُّد من الدنيا وملذَّاتها (١).

قال ابن عجيبة: "وأعظم ما يشتغل عنه المريد ويغيب عنه حُبُّ الدنيا، فإنه سُمٌّ قاطع، ولا يمكن السير إلى الله بصفاء القلوب مع بقاء شيءٍ منها، وقليلها ككثيرها" (٢).

وقال في موضعٍ آخر: "فإن أضاف المريد إلى العزلة (٣) الصمت والجوع والسَّهر فقد كملت ولايته، وظهرت عنايته، وأشرقت عليه الأنوار، وانمحت من مرآة قلبه صور الأغيار" (٤).

ويقسِّم الصوفية العزلة إلى قسمين: عزلة المريد بالجسم عن مخالطة الأغيار، وهو في هذا المقام لم يصل إلى وحدة الشُّهود، والقسم الثاني: عزلة المحققين وتكون بالقلب عن الكون، فهؤلاء وصلوا -بزعمهم- لوحدة الشُّهود والعيان، فكملت ولايتهم، وهم بذلك يتحقق فيهم المقولة الكفرية وحدة الوجود.

وهذا ليس ممدوحًا، فالممدوح من العزلة اعتزال ما يؤذي، ومن الخلطة ما ينفعُ، فلا ينبغي أن تقطع العزلةُ عن العلم والجماعات ومجالس الذكر والاحتراف للعائلة، وحضور الجنائز، وعيادة المرضى (٥).


(١) ينظر: شرح الصلاة المشيشية، ص ١٤، البحر المديد ٤/ ٣٢٤، ١/ ٥٦٦.
(٢) إيقاظ الهمم، ص ٤٣٦.
(٣) ينظر: الإسفار عن رسالة أهل الأنوار فيما يتجلَّى لأهل الذكر في الخلوة من الأنوار، ص ٨٣، لطائف الأعلام ٢/ ٣٠٦.
(٤) إيقاظ الهمم، ص ٦٠.
(٥) غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ٢/ ٣٧٢، ينظر: مختصر منهاج القاصدين، ص ١١٦، تلبيس إبليس، ص ٣٥٢.

<<  <   >  >>