للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: أمثلة على الأحوال

أ- القبض والبسط.

قال ابن عجيبة: "البسط: فرحٌ يعتري القلوب أو الأرواح، إمَّا بسبب قرب شهود الحبيب، أو شهود جماله، أو بكشف الحجاب عن أوصاف كماله، وتجلِّي ذاته، أو بغير سبب" (١).

وقال عن القبض: "حزنٌ وضيقٌ يعتري القلب، إمَّا بسبب فوات مرغوب، أو عدم حصول مطلوب، أو بغير سبب" (٢).

ثم يذكر بعد ذلك من ثمرات القبض والبسط: "يفتح لك الباب ويرفع بينك وبينه الحجاب، فتتنزه في كمال الذات، وشهود الصفات، فتغيب عن أثر الجلال والجمال بشهود الكبير المتعال، فلا جلاله يحجبك عن جماله، ولا جماله يحجبك عن جلاله، ولا ذاته تحبسك عن صفاته، ولا صفاته تحبسك عن ذاته، تشهد جماله في جلاله، وجلاله في جماله، وتشهد ذاته في صفاته، وصفاته في ذاته" (٣).

لقد أدخل ابن عجيبة عبارات ومعانيَ محدثة لأعمال القلوب وسيلتها الوصول إلى المكاشفة، ومعرفة الغيب، ووحدة الوجود، والحلول والاتحاد، ثم يعتذر لأصحاب الشطحات بأنهم فنوا (٤) وغابوا في شهود الجلال والجمال، واعتبروا العوام دون الخاصة في الأعمال الباطنة، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وهذه الأعمال الباطنة كمحبة الله


(١) إيقاظ الهمم، ص ١٧٢.
(٢) المرجع نفسه، ص ١٧٢، وينظر: معراج التشوف، ص ٤٥، ومعجم اصطلاحات الصوفية، ص ١٠٦.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ١٧٣.
(٤) ينظر: ردود ابن تيمية بقولهم في الفناء ١٠/ ٢١٨، ٢٢٢، والذي سبق بيانه، ص ٧٠٥ - ٧٠٧.

<<  <   >  >>