للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المتقدمين والمتأخرين، وهو غلط محض حتى أورث مما يدعيه هؤلاء شكًّا عند أهل النظر والكلام الذين يجوزون رؤية اللّه في الجملة، وليس لهم من المعرفة بالسُّنَّة ما يعرفون به هل يقع في الدنيا أو لا يقع؟ فمنهم من يذكر في وقوعها في الدنيا قولين، ومنهم من يقول يجوز ذلك، وهذا كلُّه ضلال؛ فإن أئمة السُّنَّة والجماعة متفقون من أن اللّه - عز وجل - لا يراه أحدٌ بعينه في الدنيا" (١).

ودلَّ على هذا قول الله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢).

قال ابن جرير الطبري عند تفسيره لهذه الآية: "ولما جاء موسى للوقت الذي وعدنا أن يلقانا فيه وكلَّمه ربه، وناجاه قال موسى لربه: أرني أنظر إليك، قال الله له مجيبًا: لن تراني ولكن انظر إلى الجبل" (٣)، فإنَّ الله - عز وجل - خلق الخلق في هذه الدار على نشأة لا يقدرون بها، ولا يثبتون لرؤية الله - عز وجل - (٤).

ثالثًا: أدلة ابن عجيبة على الوجد

١ - الاحتجاج بالكتاب والسُّنَّة:

احتج ابن عجيبة بقول الله تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (٥)، قال في هذه الآية: " ....


(١) مجموع الفتاوى ٥/ ٤٨٩ - ٤٩١.
(٢) سورة الأعراف: ١٤٣.
(٣) جامع البيان ١٣/ ٩٠.
(٤) ينظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان ١/ ٣٠٢.
(٥) سورة الكهف: ١٤.

<<  <   >  >>