للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقرَّر هذا الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه حيث قال: "ونؤمن بملك الموت الموكَّل بقبض أرواح العالمين، وبعذاب القبر لمن كان له أهلًا، وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربِّه ودينه ونبيِّه، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة - رضي الله عنهم -، والقبر روضة من رياض الجنَّة أو حفرة من حفر النيران" (١).

وقال أبو عمر الداني: (فصل في القبر وفتنته): "ومن قولهم: إنَّ المؤمنين والكافرين يحيون في قبورهم، ويُفتنون ويسألون، وإنَّ فتَّاني القبر أسودان أزرقان وهما منكر ونكير، يسألان المؤمن والكافر كما صحَّ الخبر وثبت النَّقل بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (٢)، وأنَّ أرواح المؤمنين منعَّمة إلى يوم الدين، وأنَّ أرواح الكافرين في العذاب الأليم" (٣).

وهذه الأخبار ثابتة توجب العلم، فنرغب إلى الله أن يثبِّتنا في قبورنا عند مسألة منكر ونكير بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة (٤).

رابعًا: النَّفخ في الصور والصعق

بيَّن ابن عجيبة أنَّ النافخ في الصُّور هو إسرافيل - عليه السلام - صاحب القرن (٥)، الذي ذكر في قول الله - عز وجل -: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} (٦)، "وهو القرن الذي ينفخ فيه


(١) شرح ابن أبي العز ١/ ٥٠.
(٢) سورة إبراهيم: ٢٧.
(٣) الرسالة الوافية ١/ ١٩٧.
(٤) ينظر: السُّنَّة ٢/ ٤١٩، شرح السُّنَّة, للبربهاري ١/ ٣٧.
(٥) ينظر: شجرة اليقين بما يتعلق بكون رب العالمين, ص ٢٠٧.
(٦) سورة النمل: ٨٦.

<<  <   >  >>