للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستشف ما وراءه (١).

قال ابن تيمية: "ما تواتر عن الأنبياء من وصف الملائكة هو مما يُوجب العلم اليقيني بوجودهم في الخارج" (٢).

وقال ابن القيم: "ثم أخبر عن رؤيته لجبريل، وهذا يتضمَّن أنَّه ملكٌ موجودٌ في الخارج يُرى بالعيان ويدركه البصر، لا كما يقول المتفلسفة ومن قلَّدهم أنه العقل الفعَّال وأنه ليس مما يُدرك بالبصر، وحقيقته عندهم أنَّه خيالٌ موجودٌ في الأذهان لا في الأعيان، وهذا مما خالفوا به جميع الرُّسل وأتباعهم وخرجوا به عن جميع الملل، ولهذا كان تقرير رؤية النبي لجبريل أهم من تقرير رؤيته لربه تعالى فإن رؤيته لجبريل هي أصل الإيمان الذي لا يتم إلا باعتقادها ومن أنكرها كفر قطعًا" (٣).

ثالثًا: رأيه في معنى الإيمان بالملائكة

يرى ابنُ عجيبة أنَّ الإيمان بالملائكة يعني: أنهم عباد الله مكرمون لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يؤمرون، ونفى أن يكونوا بنات الله - عز وجل -، وهم لا يتقدَّمونه بِالْقَوْلِ، ولا يتكلَّمون إلا بما يأمرهم به، وهذه صفةٌ أخرى لهم، منبِّهةٌ على كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره تعالى، ولا يتصفون بذكورة ولا أنوثة، ولا يعلم عددهم إلا الله - عز وجل -، وعاب على المشركين بأن صرفوا لهم جزءًا من العبادة، ويختار منهم رسلًا يرسلهم إلى خلقه، وهم معصومون عن المخالفة، وهم موصوفون بالقوة، كما وصف الله - عز وجل - جبريل بأنه ذو قدرة لما كُلِّف له لا يعجز عنه ولا يضعف (٤).


(١) مقاييس اللغة ٣/ ١٦٩.
(٢) النبوات ١/ ١٩٥.
(٣) التبيان في أقسام القرآن ١٢٣.
(٤) ينظر: البحر المديد ١/ ٣١٨، ٣/ ٤٥٥، ٥/ ٢٣٨، ٣/ ٥٥٦، وينظر: الأنوار القدسية في شرح القصيدة الهمزية، له، ص ٢٠٨، والبحر المديد ٧/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>