للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا شكَّ أنَّ الإيمان بالملائكة أحد الأصول الستة التي هي أركان الإيمان، ولا يصح إيمان العبد حتى يحقق الإيمان بالملائكة، والنعيم والفلاح والهدي متوقِّف على الإيمان بالملائكة، كما قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ} (١).

وما اعتقده ابن عجيبة في بيان معنى الإيمان بالملائكة وافق فيه أهل السُّنَّة والجماعة إجمالًا لكونه أطلق لفظ الجسم عليهم.

قال ابن كثير: "الملائكة عباد الله مكرمون في منازل عالية ومقامات سامية، وهم له في غاية الطاعة قولًا وفعلًا، ... لا يتقدَّمون بين يديه بأمرٍ ولا يخالفونه فيما أمرهم به، بل يبادرون إلى فعله، وهو تعالى علمه محيطٌ بهم فلا يخفى عليه منهم خافية" (٢).

ووردت أحاديث بكثرتهم وأنه لا يعلمهم إلا الله، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤتى بجهنَّم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام، مع كلِّ زمام سبعون ألف ملك يجرُّونها» (٣).

وقال ابن تيمية: "الإنس والجن مشتركون مع كونهم أحياء ناطقين مأمورين منهيين، فإنهم يأكلون ويشربون، وينكحون وينسلون، ويتغذَّون وينمون بالأكل والشرب، وهذه الأمور مشتركة بينهم، وهم يتميزون بها عن الملائكة، فإنَّ الملائكة لا تأكل ولا تشرب ولا تنكح ولا تنسل" (٤).


(١) سورة البقرة: ١٧٧.
(٢) تفسير ابن كثير ٣/ ١٧٦.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب في شدة حرِّ جهنَّم وبعد قعرها، ٤/ ٢١٨٤، رقم ٢٨٤٢.
(٤) مجموع الفتاوى ١٦/ ١٩٢.

<<  <   >  >>