للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوضح وأصح مما عند المتكلمين، وهذه الآيات التي ندب الله عباده إلى النظر فيها، والاستدلال بها على توحيده، وثبوت صفاته وأفعاله، وصدق رسله هي آيات مشهودةٌ بالحس، معلومة بالعقل، مستقرِّة في الفِطَر، لا يحتاج الناظر فيها إلى أوضاع أهل الكلام والجدل، واصطلاحهم، وطرقهم البتة، وكلُّ من له حسٌّ سليم، وعقلٌ يميِّز به يعرفها ويقرُّ بها، وينتقل من العلم بها إلى العلم بالمدلول، وفي القرآن ما يزيد على عشرات ألوف من هذه الآيات البيِّنات، ومن لم يحفظ القرآن فإنَّه إذا سمعها وفهمها وعقلها انتقل ذهنه منها إلى المدلول أسرع انتقال وأقربه.

وبالجملة: فما كلُّ من علم شيئًا أمكنه أن يستدلَّ عليه، ولا كل من أمكنه الاستدلال عليه يحسن ترتيب الدليل وتقريره" (١).

تاسعًا: زعم ابن عجيبة أن التوحيد الخاص سرٌّ لا يمكن لأحدٍ معرفته ولو ظهر لأبيح دم من أظهره

قال ابن عجيبة: "أنوار السرائر هي العلوم اللدنية والمعارف الربانية، ويجمعها علم الربوبية الذي يجب كتمه عن غير أهله، ومن أباحه أُبيح دمه؛ وهو الذي قتل بسببه الحلاج" (٢).

وقال في موضع آخر: "كلُّ من أفشى سر الربوبية سلَّط الله عليه سيف الشريعة، فيباح دمه ويُهتك عرضه، كما وقع للحلاج وغيره ... والمراد بسر الربوبية: التوحيد الخاص: الذي هو الشهود والعيان المخصوص بأهل العرفان" (٣).


(١) مدارج السالكين ٣/ ٥٠٨.
(٢) إيقاظ الهمم، ص ٢٨٦.
(٣) شرح قصيدة يامن تعاظم، ص ٢٠ - ٢٢.

<<  <   >  >>