للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر

هذه المسألةُ مسألةٌ أثريَّةٌ سلفيَّةٌ صحابيَّة، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وقد كنتُ أحسب أنَّ القول فيها مُحدثٌ حتى رأيتها أثريَّةً سلفيَّةً صحابيَّة فانبعثت الهمَّة إلى تحقيق القول فيها ... " (١).

ويقول ابن عجيبة: في تفسيره لقول الله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢)، "والكلام: إنما هو مع الخواص، فخواص الآدمي، أعني الأنبياء أعظم من خواص الملائكة، وخواص الملائكة -أعني من المقرَّبين- أعظم من خواص الآدمي -أعني العارفين-، والعارفون أعظم من عوام الملائكة، وعوام الملائكة أعظم من عوام بني آدم، والله تعالى أعلم" (٣).

لقد كثر الخوض في هذه المسألة، وتعدَّدت الأقوال فيها، قال البيهقي - رحمه الله - (٤): "وقد تكلَّم الناس قديمًا وحديثًا في المفاضلة بين الملائكة والبشر.

فذهب ذاهبون إلى أنَّ الرُّسل من البشر أفضلُ من الرُّسل من الملائكة، والأولياء من البشر أفضلُ من الأولياء من الملائكة.


(١) مجموع الفتاوى ٤/ ٣٥٧.
(٢) سورة الزمر: ٧٥.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٢٠٤.
(٤) هو: أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراساني البيهقي، وبيهق عدة قرى من أعمال نيسابور على يومين منها، ولد سنة ٣٨٤ هـ، أقبل على الجمع والتأليف، وله مصنفات منها: السنن والآثار، والأسماء والصفات، ودلائل النبوة، وكانت وفاته سنة ٤٥٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٦٣.

<<  <   >  >>