للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب آخرون إلى أنَّ الملأ الأعلى مفضَّلون على سُكَّان الأرض.

ولكلِّ واحدٍ من القولين وجه" (١).

وقال ابن أبي العز - رحمه الله -: "وقد تكلَّم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر، وينسب إلى أهل السُّنَّة تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة، وإلى المعتزلة تفضيل الملائكة مطلقًا (٢)، وأتباع الأشعري (٣) على قولين: منهم من يُفضِّل الأولياء والأنبياء، ومنهم من يقف ولا يقطع في ذلك قولًا، وحكي عن بعضهم ميلهم إلى تفضيل الملائكة وحكي ذلك عن غيرهم من أهل السُّنَّة وبعض الصوفية" (٤).

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "أنَّ صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية، والملائكة أفضل باعتبار البداية، فإنَّ الملائكة الآن في الرفيق الأعلى منزَّهون عمَّا يلابسه بنو آدم، مستغرقون في عبادة الرَّب، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر، وأمَّا يوم القيامة بعد دخول الجنة، فيصير حال صالحي البشر أكمل من حال الملائكة" (٥).

وعلَّق ابن القيم - رحمه الله - على هذا القول بقوله: "ولهذا كان أكثر الناس على


(١) شعب الإيمان ١/ ١٣٥.
(٢) ينظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ١/ ٧١١، ٤/ ٧١١، وينظر: الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود، ص ٥٨، وبدائع الفوائد ١/ ٦٦، وأشار أيضًا إلى أنَّ الفلاسفة فضَّلوا الملائكة. وينظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٤/ ٣٥٦.
(٣) من تبعه في العقيدة في طوره الثاني ومن كبارهم البيهقي، والباقلاني، والقشيري، والجويني، والغزالي، والفخر الرازي، وغيرهم كثير. ينظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة ٣/ ١٠٣٤.
(٤) شرح الطحاوية، ص ٣٢٠، وينظر: مقالات الإسلاميين ١/ ٢٩٦، والتعرف لمذهب أهل التصوف، ص ٦٩.
(٥) مجموع الفتاوى ٤/ ٣٤٣.

<<  <   >  >>