للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "من العباد من يرى ضوءًا أو نورًا في السَّماء فإن كان في رمضان قال: رأيت ليلة القدر، وإن كان في غيره قال: قد فُتحت لي أبواب السَّماء، وقد يتفق له الشَّيء الذي يطلبه فيظن ذلك كرامة، وربما كان اتفاقًا" (١).

واتفق أهل العلم على أنَّ الرجل لو طار في الهواء، ومشى على الماء، لم تثبت له ولاية، بل ولا إسلام حتى يُنظر في أمره، ومدى استقامته على شرع الله - عز وجل - (٢)، قيل للشَّافعي: إنَّ الليث بن سعد (٣) يقول: لو رأيت صاحب بدعة يمشي على الماء ما قَبِلته، قال: "أمَا إنه قصَّر، لو رأيته يمشي في الهواء ما قبلته" (٤).

ويرى ابن عجيبة أنَّ خرق العوائد دليلٌ لظهور الكرامة، وطريقته في خرق العوائد إبدالها بضدِّها، فيستبدل كثرة الأكل والنوم بالجوع والسهر، وتبديل كثرة اللباس بالتقلُّل منه، أو لبس المرقعات، وتبديل الخلطة بالعزلة، وهكذا (٥).

ولا يُسلَّم له أنَّ خرق العادات دليلٌ على الكرامة بإطلاق؛ إذ لا بدَّ من معرفة طريقة حصولها وغاياتها، فمن جعلها غاية له، وعبد الله - عز وجل - لأجلها لعبت به الشياطين، وأظهرت له خوارق من جنس خوارق الكهَّان والسَّحرة (٦).


(١) تلبيس إبليس، ص ٣٧٨.
(٢) ينظر: الفتاوى المصرية، ص ٧٦٧.
(٣) هو: الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، حنفي المذهب، من تابعي التابعين، سمع من عطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن أبي مليكة، ونافع مولى ابن عمر، ولد سنة ٩٤ بقرية قرقشندة من أسفل أعمال مصر، وتوفي يوم الخميس من نصف شعبان سنة ١٧٥ هـ. ينظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية ١/ ٤١٦، طبقات ابن سعد ٧/ ٥١٧، ميزان الاعتدال ٣/ ٤٢٣، سير النبلاء ٧/ ٢٠٤.
(٤) ينظر: آداب الشافعي ومناقبه، ص ١٤١، قطر الولي شرح حديث الولي، ص ٢٧٨.
(٥) ينظر: إيقاظ الهمم ٢٤٧ - ٢٤٨.
(٦) ينظر: منهاج السُّنَّة ٨/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>