للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكره والخبر عنه، وأمَّا نحن فنفس القرآن أُنزل إلينا، ونفس القرآن مكتوبٌ في مصاحفنا، كما أنَّ نفس القرآن في الكتاب المكنون، وهو في الصحف المطهرة.

ولهذا يجب التفريق بين قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} (١)، وبين قوله تعالى: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} (٢).

فإنَّ الأعمال في الزبر كالرَّسول وكالقرآن في زبر الأولين، وأمَّا (الكتاب المسطور في الرَّقِّ المنشور) فهو كما يُكتب الكلام نفسه والصحيفة فأين هذا من هذا؟ " (٣).

وقال أيضًا: "بل إذا قرأه الناس أو كتبوه بذلك في المصاحف، لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة، فإنَّ الكلام إنما يُضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا، لا إلى من قاله مُبلِّغًا مُؤديًا، وهو كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف" (٤).

وقال الذهبي (٥): "إنَّك تنقل من المصحف مائة مصحف، وذاك الأوَّل لا يتحوَّل في نفسه ولا يتغيَّر، وتُلقِّن القرآن ألف نفس، وما في صدرك باق بهيئته لا انفصل عنك ولا تغيَّر، وذاك لأنَّ المكتوب واحد والكتابة تعدَّدت، والذي في صدرك واحد وما في صدور المقرئين عينُ ما في صدرك سواءٌ، والمتلوُّ وإن تعدَّد التالون به


(١) سورة القمر: ٥٢.
(٢) سورة الطور: ٢ - ٣.
(٣) مجموع الفتاوى ١٢/ ٣٨٣ - ٣٨٥.
(٤) المرجع نفسه ٣/ ١٤٤.
(٥) هو: محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الذهبي، ولد بدمشق، سنة ٦٧٣ هـ، وتوفي سنة ٧٤٨ هـ، قال عنه السبكي: هو شيخ الجرح والتعديل، له مصنفات منها: ميزان الاعتدال، وتاريخ الإسلام الكبير. ينظر: طبقات الشافعية ٩/ ١٠١، شذرات الذهب ١/ ٦١.

<<  <   >  >>