للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا خلاف القرآن فإنَّ الله قال: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (١)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (٢)، وقال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (٣)، وقال: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (٤)، وقال: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} (٥)، والأحاديث كثيرة في الذنوب الكبائر.

ومن قال: هي سبعة عشر، فهو قولٌ بلا دليل.

ومن قال: إنها مبهمة أو غير معلومة، فإنما أخبر عن نفسه أنه لا يعلمها.

ومن قال: إنه ما تُوعِّد عليه بالنار قد يقال: إنَّ فيه تقصيرًا؛ إذ الوعيد قد يكون بالنار وقد يكون بغيرها، وقد يقال: إنَّ كل وعيد فلا بدَّ أن يستلزم الوعيد بالنار.

وأمَّا من قال: إنها كلُّ ذنب فيه وعيد، فهذا يندرج فيما ذكره السَّلف؛ فإنَّ كلَّ ذنب فيه حَدُّ في الدنيا ففيه وعيدٌ من غير عكس، فإن الزِّنا والسرقة، وشرب الخمر، وقذف المحصنات ونحو ذلك فيها وعيد، كمن قال: إن الكبيرة ما فيها وعيد" (٦).


(١) سورة النجم: ٣٢.
(٢) سورة الشورى: ٣٧.
(٣) سورة النساء: ٣١.
(٤) سورة الكهف: ٤٩.
(٥) سورة القمر: ٥٣.
(٦) مجوع الفتاوى ١١/ ٦٥٤.

<<  <   >  >>