للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثال ذلك الطفل في المهد، فإنه يسكن إذا تحرَّك به المهد، ويبكي إذا سكن، كذلك القلب يرتاح إذا تحرَّك القلب، وإلا بقي يضطرب فربما يخرج عن طوره" (١).

وهذا قياسٌ فاسد، وإن الرجل ليعجبُ من إنسان ينسب للعلم والعلماء كيف يرضى بهذه الأقيسة التي لا يستند بها العلماء الربانيون، بل استند بها أصحاب الأهواء الباطلة.

قال الطرطوشي (٢): "انظروا يا ذوي الألباب كيف قادهم الهوى وعشق الباطل، وقلة الحيلة إلى هذه السخافة، وحسبك من مذهب إمامهم فيه الأنعام، والصبيان في المهد، وهكذا يفضح الله - عز وجل - من اتبع الباطل، وحسبك من عقولٍ لا تقتدى بأخيار المسلمين وعلمائهم وتقتدي بالإبل، فإنَّ كل ما طربت له البهائم مندوبًا أو مباحًا، فإننا نرى البهيمة تنزو على أُمِّها وأختها وتركب بنتها، أفيلزم الاقتداء بالبهيمة في مثل هكذا" (٣).


(١) خمرية ابن الفارض، ص ٢٠ - ٢١.
(٢) أبو بكر، محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي الطرطوشي المالكي، ولد سنة ٤٥١ هـ، صحب أبا الوليد الباجي بمدينة سرقسطة، وأخذ عنه مسائل الخلاف وسمع منه وأجاز له، وقرأ الفرائض والحساب بوطنه، وقرأ الأدب على أبي محمد بن حزم بمدينة إشبيلية، ورحل إلى المشرق سنة ٤٧٦ هـ، وحجَّ ودخل بغداد والبصرة، وتفقَّه على أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي المعروف بالمستظهري الفقيه الشافعي، له مؤلفات منها: سراج الملوك، الحوادث والبدع، توفي سنة ٥٢٠ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ٤/ ٢٦٢.
(٣) تحريم الغناء والسماع، ص ٢٣٤.

<<  <   >  >>