للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والملاحظ هو توسُّع المتصوفة في مفهوم المجاهدة، حتى خرجوا عن الشرع في التعبد، قال ابن تيمية: "ومن عظَّم مطلق السهر والجوع وأمر بهما مطلقًا فهو مخطئ بل المحمود السهر الشرعي والجوع الشرعي، فالسهر الشرعي كما تقدم من صلاة أو ذكر أو قراءة أو كتابة علم أو نظر فيه أو درسه أو غير ذلك من العبادات" (١).

٥ - الحكايات التي يستدل بها على التوكل على الله مع ترك الأخذ بالأسباب.

قال ابن عجيبة: "حُكي أنَّ بعض الأولياء ولدت له بنية في آخر عمره وماتت أُمُّها، وحضرته الوفاة فقال له رجلٌ: أوصني عليها أكفلها، قال: لا ولكن إذا نامت فاحملها إلى حرم الله ودعها في الحجر، وامض ودعها في كفالة الله، فلما مات فعل الرجل ذلك وصار يرقبها على بعد، فرأتها أم الخليفة وهي تطوف، فأمرت بحملها لها، فتبنَّتها وربَّتها حتى بلغت وزوجتها لابن الوزير، وأصدقتها عشرين ألف دينار، فانظر حال من توكَّل على كفالة مولاه، وآوى إلى حصن رعايته وحماه" (٢).

ونفي الأسباب في التوكل خلاف ما عليه أهل السُّنَّة والجماعة، والتوكل الصحيح لا ينافي الأخذ بالأسباب، التي دلَّ عليها، الكتاب والسُّنَّة بل هي من مقتضيات التوكل، قال الطرطوشي - رحمه الله -: "والتوكُّل والكسب لا يتضادان ... ؛ لأن، التوكل محله القلب، والكسب محله الجوارح، ولا يتضاد شيئان في محلين بعدما يتحقق العبد أنَّ المقدور من الله تعالى، فإن تعسَّر شيءٌ فبتقديره وإن اتفق فبتيسيره" (٣).


(١) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٣٠٨.
(٢) إيقاظ الهمم، ص ٥١١ - ٥١٢.
(٣) سراج الملوك ٢/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>