للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه من الملك العلَّام، وهذا دليلٌ مستقلٌ على نبوته وبرهان ظاهر على عصمته؛ لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرَّد ما يلقى في خلده؛ لأن خاطره ليس بواجب العصمة إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق" (١).

وربما تلبَّس الشيطان بشخصية الخضر فظنوا أنه هو قال ابن الجوزي: "وربما ظهر الشَّيْطَان لشخصٍ فكلَّمه، وربما قَالَ بَعْض المتهمين لبعض: أنا الخضر، وأعجب الأشياء أَن يصدق القائل أنا الخضر وليس لنا فِيهِ علامة نعرفه بها، وَقَدْ جمعت كتابًا سمَّيته (عجالة المنتظر بشرح حال الخضر)، وذكرت فِيهِ هذه الأحاديث والحكايات ونظائرها وبيَّنت خطأها فلم أر الإطالة بِذَلِكَ هاهنا" (٢).

وأما دعوى ابن عجيبة أنه التقى مع الخضر، وأنه حيٌّ فدعوى لا مستند لها من الصحة بل مصادمة للنصوص الواضحة في موت الخضر، ثم يقال لابن عجيبة ما الفائدة التي عادت عليك بهذا الوهم، هل اتبعت شرع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم تخرج عن أوامره ونهيه وحاربت البدع والترهات الصوفية؟؛ لأن الخضر لوكان حيًّا لما وسعه أن يخرج عن شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وكثير من الناس رأى من قال إني أنا الخضر وإنما كان جنيًّا، ثم صار من الناس من يكذب بهذه الحكايات إنكارًا لموت الخضر، والذين قد عرفوا صدقها يقطعون بحياة الخضر، وكلا الطائفتين مخطئٌ فإن الذين رأوا من قال إني أنا الخضر هم كثيرون صادقون والحكايات متواترات؛ لكن أخطئوا في ظنهم أنه الخضر وإنما كان جنيًّا" (٣).

وقال أيضًا: "كلُّ من ادعى أنه رأى الخضر، أو رأى من رأى الخضر أو سمع


(١) البداية والنهاية ٢/ ٢٤٩.
(٢) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ١/ ٨٨.
(٣) مجموع الفتاوى ١٣/ ٩٣.

<<  <   >  >>