للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم - رحمه الله -: "وأخطأ كلَّ الخطأ من زعم أنَّه من أسماء السُّلوب، فإنَّ السَّلب المحض لا يتضمَّن كمالًا، بل اسم السلام متضمِّنٌ للكمال السالم من كلِّ ما يضاده، وإذا لم تظلم هذا الاسم ووفَّيته معناه وجدته مستلزمًا لإرسال الرُّسُل، وإنزال الكتب وشرع الشرائع، وثبوت المعاد وحدوث العالم، وثبوت القضاء والقدر، وعلو الرَّبِّ تعالى على خلقه ورؤيته لأفعالهم وسمعه لأصواتهم واطلاعه على سرائرهم وعلى نياتهم، وتفرده بتدبيرهم وتوحده في كماله المقدَّس عن شريكٍ بوجه من الوجوه، فهو السَّلام الحقُّ من كلِّ وجه، كما هو التنزيه البريء عن نقائص البشر من كلِّ وجه، ولما كان سبحانه موصوفًا بأنَّ له يدين لم يكن فيهما شمال، بل كلتا يديه يمين مباركة، كذلك أسماؤه كلُّها حسنى، وأفعاله كلُّها خير، وصفاته كلُّها كمال" (١).

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان -حفظه الله-: " ... سلامٌ في صفاته من كلِّ عيبٍ ونقص، وسلامٌ في أفعاله من كلِّ عيبٍ ونقصٍ وشرٍّ وظلمٍ وفعلٍ واقع على غير وجه الحكمة، فهو السَّلام الحقُّ من كلِّ وجه وبكلِّ اعتبار، وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزَّه به نفسه، ونزَّهه به رسوله، فهو السَّلام من الصاحبة والولد، والسَّلام من النظير والكفء، والسَّميُّ والمماثل، والسَّلام من الشريك.

ولهذا إذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدت كلَّ صفةٍ سلامًا ممَّا يضاد كمالها ... وهكذا جميع صفاته وأفعاله سلامٌ من كلِّ ما يتوهَّمه معطِّلٌ أو تخيَّله مشبِّه -تعالى ربُّنا السَّلام- عمَّا يضاد كماله ... فلله تعالى ما يليق به من المعاني الكاملة السالمة من النقائص والعيوب، وللمخلوق ما يناسبه ويليق بضعفه" (٢).


(١) أحكام أهل الذمة ١/ ١٣٩.
(٢) شرح كتاب التوحيد في صحيح البخاري ١/ ١٢٦ - ١٢٧.

<<  <   >  >>