للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك إذا قيل: جاء زيدٌ وأشهد على عمرو، وفلانٌ عدلٌ ونحو ذلك، فإنِّما تذكر الأسماء والمراد بها المسمَّيات، وهذا هو مقصود الكلام، فلما كانت أسماء الأشياء إذا ذُكرت في الكلام المؤلَّف فإنَّما المقصود هو المسمَّيات، قال هؤلاء: الاسم هو المسمَّى وجعلوا اللفظ هو الاسم عند الناس هو التسمية، كما قال البغوي: والاسم هو المسمَّى وعينه وذاته" (١).

"أمَّا قوله تعالى: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} (٢)، فأخبر أنَّ اسمه يحيى، ثم نادى الاسم فقال: {يَايَحْيَى} (٣) فهذا اسمه، ليس اسم ذاته فالمقصود المراد بنداء الاسم هو نداء المسمَّى؛ لم يقصد نداء اللفظ" (٤) وقال: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} (٥).

وأراد الأشخاص المعبودة؛ لأنهم كانوا يعبدون المسمَّيات، وقال: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٦)، وقال تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} (٧).

قال أبو الحسن: ثم يقال للتسمية أيضًا اسم، واستعماله في التسمية أكثر من المسمَّى.

وقال أبو بكر بن فورك (٨): اختلفت النَّاس في حقيقة الاسم، ولأهل اللُّغة في ذلك كلام، ولأهل الحقائق فيه بيان، وبين المتكلِّمين فيه خلاف.


(١) مجموع الفتاوى ٦/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٢) سورة مريم: ٧.
(٣) سورة مريم: ١٢.
(٤) مجموع الفتاوى ٦/ ١٩٢.
(٥) سورة يوسف: ٤٠.
(٦) سورة الأعلى: ١.
(٧) سورة الرحمن: ٧٨.
(٨) محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري، الأصبهاني، من كبار الأشاعرة المتكلمين، ومن فقهاء الشافعية، سمع بالبصرة وبغداد، وحدَّث بنيسابور، من مصنفاته: مشكل الحديث، الحدود في الأصول، توفي سنة ٤٠٦ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٢١٤، طبقات فقهاء الشافعية ١/ ١٣٦، الوافي بالوفيات ١/ ٢٨٩.

<<  <   >  >>