للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصفات التي أخبر بها الله - عز وجل - عن نفسه ووصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - آمن بها الصحابة - رضي الله عنهم -، وتلقَّوها بالقبول والتسليم، وسار على نهجهم من وفَّقه الله - عز وجل - لفهمها وفق منهج السلف الصالح.

وكذلك لم يتكلَّفوا تقسيم الصفات أو الخوض في ذلك إلا عندما اضطروا إليه؛ لأنهم لم يتجاوزوا الكتاب والسُّنَّة، ولم يؤثر عن الصحابة - رضي الله عنهم - أن تنازعوا في مسألة من مسائل الصفات، بل آمنوا بها وأمرُّوها كما جاءت، قال المقريزي - رحمه الله - (١): "ومن أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفيَّة، علم أن لم يرد قطُّ من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن معنى شيءٍ مما وصف الرَّب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم، وعلى لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل كلُّهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات ... ولا فرَّق أحدٌ منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل" (٢).

ولكن لما نبتت نابتة من أهل البدع ونفوا الصفات أو أوَّلوها، أو ردُّوا بعضها، كان لا بدَّ لأهل السُّنَّة من ردِّ باطلهم.

وابن عجيبة سلك مسلك الأشاعرة في تقسيمه للصفات وبهذا خالف ما عليه أهل السُّنَّة والجماعة.


(١) هو أبو العباس، أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد تقي الدين المقريزي، له مصنفات منها: تجريد التوحيد المفيد، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ولد في مصر، وتوفي سنة ٨٤٥ هـ. ينظر: شذرات الذهب ٩/ ٣٧٠، إنباء الغمر بأبناء العمر، ٩/ ١٧٠.
(٢) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار بعنوان: (ذكر الحال في عقائد أهل الإسلام منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية) ٤/ ٤٣٤.

<<  <   >  >>