للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصلِّي فإنَّ الله قِبَل وجهه، ولهذا نهى أن يبصق أمام وجهه؛ لأن الله قبل وجهه ... وهذا معنى صحيح موافق لظاهر الآية، والمعنى الأول -وهو تفسير الوجه بالقبلة- لا يخالفه في الواقع (١)، إذا قلنا فثم وجه الله، وكان هناك دليل، سواء كان هذا الدليل تفسيرًا للآية الثانية في الوجه الثاني، أو كان الدليل ما جاءت به السُّنَّة، فإنك إذا توجَّهت إلى الله في صلاتك، ففي جهة الله التي يقبل الله صلاتك إليها، فثمَّ أيضًا وجه الله حقًّا، وحينئذٍ يكون المعنيان لا ينتفيان" (٢).

صفة السمع والبصر: قال ابن عجيبة: "إنَّه سميعٌ بصيرٌ يسمع من غير أصمخة وآذان، ويرى من غير حدقةٍ ولا أجفان" (٣).

يعتقد ابن عجيبة -بزعمه أنه مثبتٌ للصفة- ولقد نفاها فرارًا من إثبات أفعال الله - عز وجل - الذي يعبر عنها بقيام الحوادث بذات الرب - سبحانه وتعالى -، وأيضًا خالف أهل السُّنَّة والجماعة وفصَّل في النفي أيضًا، علمًا أنَّ النفي المفصَّل في القرآن لم يأتِ إلا على ثلاثة أسباب:

١ - نفي ما ادَّعاه الكاذبون في حق الله تعالى من النقائص، كقوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٤).

٢ - دفع توهُّم النقص في كمال الله - عز وجل -، كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} (٥) , وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ


(١) مختصر الصواعق ٣/ ٩٩٨، ص ١٠١٦ - ١١٧، وينظر للاستزادة: مجموع الفتاوى ٢/ ٧٢، والنقض على بشر المرِّيسي ٢/ ٧٠٦.
(٢) شرح العقيدة الواسطية، للشيخ محمد بن صالح العثيمين ١/ ٢٨٧.
(٣) مخطوط رسائل في العقائد، ل/٨.
(٤) سورة الأنعام: ١٠١.
(٥) سورة الدخان: ٣٨.

<<  <   >  >>