للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول أبو الحسن الأشعري: "وأجمعوا على إثبات حياة الله - عز وجل - لم يزل بها حيًّا، وعلمًا لم يزل به عالِمًا، وقدرةً لم يزل بها قادرًا، وكلامًا لم يزل به متكلِّمًا، وإرادةً لم يزل بها مريدًا، وسمعًا وبصرًا لم يزل به سميعًا بصيرًا" (١).

والله - عز وجل - لم يكلفنا بمعرفة كنه الصفة، فلا نصف الله إلا بما وصف به نفسه في كتابه أو بما وصفه رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعدم إدراكنا بالكيفية لا ينقص إيماننا؛ لأننا لم نكلَّف بذلك.

قال أبو القاسم الأصبهاني: "فإن قيل: كيف يصح الإيمان بما لا نحيط علمًا بحقيقته؟ قيل: إنَّ إيماننا صحيحٌ بحقِّ من كلّفناه، وعلمنا محيط بالأمر الذي ألزمناه، وإن لم نعرف ما تحتها حقيقة كيفيته، وقد أمرنا بأن نؤمن بملائكة الله وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالجنَّة ونعيمها، وبالنَّار وعذابها، ومعلومٌ أنا لا نحيط علمًا بكلِّ شيءٍ منها على التفصيل وإنما كلفناه الإيمان بها جملة (٢).

وقال البغوي: "إنَّ الامتناع عن الخوض في صفات الله تعالى بالتكييف والتشبيه واجب، وإنَّ المهتدي من سلك في نصوص الصفات عن طريق التسليم، وإنَّ الخائض فيها زائغ، والمنكر معطل، والمكيِّف مشبِّه، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرا" (٣).

والعلم بكيفية الصفة ليس بحاصلٍ لأحد؛ "لأنَّ العلم بكيفية الصفة فرع على العلم بكيفية الموصوف، فإذا كان الموصوف لا تعلم كيفيته، امتنع أن تعلم كيفية الصفة" (٤).


(١) رسالة إلى أهل الثغر، ص ٢١٥.
(٢) الحجة في بيان المحجة ١/ ٣١٣ - ٣١٤.
(٣) شرح السُّنَّة ١٥/ ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٤) مجموع الفتاوى ٦/ ٣٩٩.

<<  <   >  >>