للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يقول قائل: إنَّ التفويض هو مذهب السَّلف؛ فيُردُّ عليه بأنَّ السَّلف فوَّضوا في كيفيَّة الصفة فقط دون المعنى، قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "إنَّا لا نعلم كيفيَّة ما أخبر الله به عن نفسه، وإن علمنا تفسيره ومعناه" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وقد فسَّر الإمام أحمد النصوص التي تسمِّيها الجهمية متشابهات، فبيَّن معانيها آيةً آية، وحديثًا حديثًا، ولم يتوقَّف في شيءٍ منها هو والأئمة قبله، مما يدلُّ على أنَّ التوقف عن بيان معاني آيات الصفات وصرف الألفاظ عن ظواهرها لم يكن مذهبًا لأئمة السُّنَّة، وهو أعرف بمذهب السَّلف، وإنِّما مذهب السَّلف إجراء معاني آيات الصفات على ظواهرها بإثبات الصفات له حقيقة" (٢).

ومراد السَّلف بقولهم بلا كيف هو نفي للتأويل.

قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومراد السَّلف بقولهم (بلا كيف) هو نفي التأويل، فإنه التكييف الذي يزعمه أهل التأويل، فإنهم هم الذين يثبتون كيفية تخالف الحقيقة فيقعون في ثلاثة محاذير: نفي الحقيقة، وإثبات التكييف بالتأويل، وتعطيل الرَّب -سبحانه- عن صفته التي أثبتها لنفسه، وأمَّا أهل الإثبات فليس أحد منهم يكيف ما أثبته الله تعالى لنفسه، ويقول: كيفية كذا وكذا حتى يكون قول السَّلف بلا كيف ردًّا عليهم، وإنما ردوا على أهل التأويل الذي يتضمَّن التحريف والتعطيل، تحريف اللَّفْظ وتعطيل معناه" (٣).


(١) درء تعارض العقل والنقل ١/ ٢٠٧.
(٢) الإكليل في المتشابه والتأويل (ضمن مجموع الفتاوى) ١٣/ ٢٩٥.
(٣) اجتماع الجيوش الإسلامية، ص ١٩٩.

<<  <   >  >>