للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَعْبُدُ عِبَادَةً إلَّا لِمَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعالى، ومنه: تَعَبَّدَ يَتَعَبَّدُ تَعَبُّدًا، فالمُتَعَبِّدُ: المُتَفَرِّدُ بالعِبَادَة، ومنه أيضًا: الطريقُ المُعبَّد وهو المسلوك المذلَّل، وأصلُ العبودية الخضوعُ والذُّل (١).

وهذا التعريف اللُّغوي يوافق التعريف الشرعي الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: "العبادة هي غاية الذُّلِّ مع غاية الحب" (٢).

"وهي اسمٌ يجمع كمال الحُبِّ لله - عز وجل - ونهايته وكمال الذُّلِّ لله ونهايته، فالحُبُّ الخليُّ عن ذلٍّ والذلُّ الخليُّ عن حُبٍّ لا يكون عبادة، وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين" (٣).

وأخذ ذلك تلميذه ابن القيم وعرَّفها في منظومته النونية بقوله:

وعبادةُ الرحمنِ غايةُ حُبِّهِ ... مع ذُلِّ عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائرٌ ... ما دار حتى قامت القطبان

ومدارُه بالأمرِ أمر رسولِهِ ... لا بالهوى والنَّفسِ والشيطانِ (٤)

وعرَّفها ابن عجيبة بقوله: "هي غايةُ الخضوع والتذلُّل، ومنه طريقٌ مُعَبَّد أي: مُذلَّل" (٥).

وقد وافق ابنُ عجيبة أهلَ السُّنَّة والجماعة في التعريف ظاهرًا، أمَّا في التطبيق فخالف الصواب ولم يعتنِ بشروطها من الإخلاص والمتابعة، وأورد تقسيمات مبتدعة لا أصل لها في الشرع كما يظهر في النماذج التي ذكرها وهي:


(١) ينظر: مقاييس اللغة، ٤/ ٢٠٥ - ٢٠٦، والصحاح ٢/ ٥٠٢.
(٢) شرح الرسالة التدمرية، ص ٤١٦.
(٣) مجموع الفتاوى ١٠/ ١٤٩.
(٤) الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية ١/ ١٧٩، رقم ٥١٤.
(٥) البحر المديد ١/ ٣٤.

<<  <   >  >>