للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد انبرى العلماء للردِّ على كلِّ من ابتدع شيئًا من هذه الأوراد.

فحذَّر القاضي عياض من الأدعية المنسوبة للأنبياء -عليهم السَّلام- بقوله: "أذن الله في دعائه، وعلَّم الدعاء في كتابه لخليقته، وعلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء لأُمَّته، واجتمعت فيه ثلاث أشياء: العلم بالتوحيد، والعلم باللغة، والنصيحة للأُمَّة، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعدل عن دعائه، وقد احتال الشيطان للناس في هذا المقام، فقيَّض لهم قومَ سوءٍ يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأشد ما في الحال أنهم ينسبونها إلى الأنبياء والصالحين فيقولون: دعاء نوح، دعاء يونس، دعاء أبي بكر الصديق، فاتقوا الله في أنفسكم ولا تشتغلوا من الحديث إلا بالصحيح" (١).

وقال الخطابي: "ولقد أولع بعضٌ من المسلمين بأدعية وأذكار منكرة مخترعة، ما أنزل الله بها من سلطان، صنَّفها لهم بعض المتكلِّفين من أهل الجهل والجرأة على الله، وأكثرها زورٌ وافتراءٌ على الله - عز وجل - " (٢).

وحذَّر ابن العربي من هذه الأدعية المختلقة فقال: "فحذار منها، ولا يَدْعُوَنَّ أحدٌ منكم إلا بما في الكتب الخمسة، وهي كتاب البخاري، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، فهذه الكتب هي بدء الإسلام ... ولا يقولنَّ أحدٌ: أختار دعاء كذا; فإنَّ الله قد اختار له، وأرسل بذلك إلى الخلق رسوله" (٣).

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فهو رد» (٤).


(١) نقل هذا القول ابن علان عن القاضي عياض في الفتوحات الربانية ١/ ١٧، ولم أجده في كتبه - رحمه الله -.
(٢) شأن الدعاء، ص ١٦.
(٣) أحكام القرآن ٢/ ٨١٦.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الصلح, باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ٣/ ١٨٤، رقم ٢٦٩٧، ومسلم، كتاب الحدود, باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور ٣/ ١٣٢٣، رقم ١٧١٨.

<<  <   >  >>