للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه فضيلةٌ عظيمةٌ للقرآن العظيم فهو مهيمنٌ على جميع الكتب السابقة، وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب (١) "يُقَالُ هَيْمَن يُهَيْمِنُ هَيْمنَةً: إِذَا كَانَ رَقِيبًا عَلَى الشَّيْء" (٢).

ولقد دلَّ على ذلك قول الله تعالى: " {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (٣).

قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: "هذا خطابٌ من الله تعالى ذكره لنبيِّه محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - يقول تعالى ذكره: أنزلنا إليك، يا محمَّد {الْكِتَابَ} وهو القرآن الذى أنزله عليه، ويعني بقوله: {بِالْحَقِّ}، بالصدق ولا كذب فيه، ولا شك أنه من عند الله {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} يقول: أنزلناه بتصديق ما قبله من كتب الله التي أنزلها إلى أنبيائه، {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}، يقول: أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إليك، يا محمَّد، مصدِّقًا للكتب قبله، وشهيدًا عليها أنها حقٌّ من عند الله، أمينًا عليها، حافظًا لها" (٤).

وهذا متفقٌ عليه بين سلف الأُمَّة، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فالسَّلف كُلُّهم متفقون على أنَّ القرآن هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب، ومعلومٌ أنَّ المهيمن على الشَّيءِ أعلى منه مرتبة، ومن أسماء الله (المهيمن) ويُسمَّى الحاكم على الناس القائم بأمورهم (المهيمن) " (٥).


(١) ينظر: جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري ١٠/ ٣٧٧.
(٢) لسان العرب ١٣/ ٤٣٧، وينظر: تهذيب اللغة ٦/ ١٧٧.
(٣) سورة المائدة: ٤٨.
(٤) جامع البيان في تأويل القرآن ١٠/ ٣٣٧.
(٥) مجموع الفتاوى ١٧/ ٤٣.

<<  <   >  >>