للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير - رحمه الله -: "وقد كانت هذه سُنَّة الله في خلقه، أنه ما بعث نبيًّا في أُمَّةٍ إلا أن يكون بلغتهم، فاختصَّ كلَّ نبيٍّ بإبلاغ رسالته إلى أُمَّته دون غيرهم، واختصَّ محمَّد بن عبد الله رسول الله بعموم الرسالة إلى سائر الناس" (١).

والأحاديث كثيرة تشهد لهذا المعنى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «وكان النَّبيُّ يبعث إلى قومه خاصَّة وبُعثت إلى النَّاس عامَّة» (٢).

وأيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفس محمَّدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأُمَّة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلتُ به، إلا كان من أصحاب النار» (٣).

قال سعيد بن جبير (٤): "ما بلغني حديثٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وَجهه إلا وجدتُ مصداقَه في كتاب الله تعالى، حتى قال «لا يَسمَعُ بي أحدٌ من هذه الأُمَّة، ولا يهودي ولا نصرانيٌّ، ثم لا يؤمن بما أُرسلت به إلا دخل النار» قال سعيد، فقلتُ: أين هذا في كتاب الله؟ حتى أتيت على هذه الآية:

{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ


(١) تفسير القرآن العظيم ٤/ ٤٧٧.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا ١/ ٧٤، رقم ٣٣٥.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان, باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ١/ ١٣٤، رقم ١٥٣.
(٤) هو: أبو عبد الله، وقيل: أبو محمد، سعيد بن جبير بن هشام الأسدي بالولاء، مولى بني والبة بن الحارث بطن من بني أسد بن خزيمة؛ كوفيٌّ، أحد أعلام التابعين، أخذ العلم عن عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال له ابن عباس: حدِّث، فقال: أُحدِّث وأنت هاهنا؟ فقال: أليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد، فإن أصبت فذاك، وإن أخطأت علمتك، قتله الحجاج سنة ٩٥ هـ، وله من العمر نحو خمسين سنة. ينظر: وفيات الأعيان ٢/ ٣٧١.

<<  <   >  >>