للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذكره ابن عجيبة في ما يتضمنه الإيمان بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من خصائصه موافقٌ لما عليه أهل السُّنَّة والجماعة، ولكنه -عفا الله عنه- لم يوفق للصواب في مسألة الإسراء والمعراج، وخالف ما عليه أهل السُّنَّة والجماعة وفق منهج السلف الصالح وهو أنَّ نبيَّنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أُسري بروحه وجسده مرة واحدةً يقظةً لا منامًا، وما ذهب إليه في مسألة الإسراء بروح الولي وافق فيه الصوفيه في غلوهم في الأولياء ورفعهم فوق منزلة النبيين والمرسلين، ولا يشكُّ عاقلٌ في خطأهم وعدم صوابهم، لكونهم خالفوا ما دلَّت عليه النصوص في مسألة الإسراء والمعراج، وأنها خاصَّةٌ بالنَّبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي من المعجزات العظيمة الدالة على صدقه وأنه مرسل من الله تعالى.

قال الحافظ عبد الغني المقدسي - رحمه الله - (١): "وأجمع القائلون بالأخبار والمؤمنون بالآثار أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسري به إلى فوق سبع سماوات ثم إلى سدرة المنتهى، أُسري به ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسجد بيت المقدس، ثم عُرِج به إلى السَّماء بجسده وروحه جميعًا، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح" (٢).

وقال ابن القيم - رحمه الله -: "ثم أُسري بروحه وجسده إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى فوق السماوات بجسده وروحه إلى الله - عز وجل -، فخاطبه وفرض عليه الصلوات، وكان ذلك مرَّةً واحدة، هذا أصحُّ الأقوال" (٣).


(١) هو: أبو محمد، تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسين بن جعفر المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي، ولد بجماعيل من أرض نابلس، سنة ٥٤٤ هـ، حدَّث عنه ابن خالته الشيخ موفق الدين ابن قدامة، وأولاده الحافظ عز الدين محمد، والحافظ أبو موسى عبد الله، والفقيه أبو سليمان، والحافظ الضياء المقدسي، وكانت وفاته سنة ٦٠٠ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٢١/ ٤٦٧ - ٤٦٨.
(٢) عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي مع شرحها تذكرة المؤتسي، ص ٢٥٨.
(٣) زاد المعاد في هدي خير العباد ١/ ٩٩.

<<  <   >  >>