للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا التفسير الإشاري لا يُقبل منه؛ لأنَّه لم يطابق شروط قبول التفسير الإشاري الذي مرَّ معنا.

وابن عجيبة أصاب في رأيه الأول ولكنه لم يثبت على ذلك.

وللعلماء في هذه المسألة قولان:

الأول: أنه هو الذي أصاب قريش من شِدِّة الجوع، وهذا القول ذهب إليه ابن مسعود، وجماعة من السَّلف - رضي الله عنهم - (١).

ورجَّح هذا القول الطبري فقال: "وإنما قلتُ: القول الذي قاله عبد الله بن مسعود هو أولى بتأويل الآية؛ لأنَّ الله جلَّ ثناؤه توعَّد بالدخان مشركي قريش وأنَّ قوله لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (٢) في سياق خطاب الله كفَّار قريش وتقريعه إيَّاهم بشركهم بقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} (٣)، ثم أتبع ذلك قوله لنبيِّه عليه الصَّلاة والسَّلام: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (٤) أمرًا منه له بالصبر إلى أن يأتيهم بأسه وتهديدًا للمشركين فهو بأن يكون إذ كان وعيدًا لهم قد أحلَّه بهم أشبه من أن يكون أخَّره عنهم لغيرهم.

والقول الثاني: أن هذه العلامة من أشراط الساعة المنتظرة، وممن ذهب لهذا القول ابن عباس، وبعض الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، روى ابن جرير الطبري عن عبد


(١) ينظر: تفسير الطبري ١٥/ ١١١ - ١١٣، وتفسير القرطبي ١٦/ ١٣١، وابن كثير ٧/ ٢٣٢.
(٢) سورة الدخان: ١٠.
(٣) سورة الدخان: ٨ - ٩.
(٤) سورة الدخان: ١٠.

<<  <   >  >>