للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عجيبة عند تفسير قول الله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (١) أي: نفخ في الصور ... واختُلف في أنَّ المراد به يوم النفخة الأولى أو الثانية، والحقُّ أنها الثانية؛ إذ هي التي يختص عسرها بالكافرين، وأمَّا النفخة الأولى فحكمها -الذي هو الإصعاق- يعمُّ البر والفاجر، على أنها مختصة بمن كان حيًّا عند وقوعها، وقد جاء في الأخبار: أنَّ في الصور ثقبًا بعدد الأرواح، وأنها تجمع في تلك الثقب في النفخة الثانية، فتخرج عند النفخ من كلِّ ثقبة روح، فترجع إلى الجسد الذي نزعت منه، فيعود الجسد كما كان حيًّا" (٢).

ومال ابن عجيبة في عدد النفخات إلى قول القرطبي، وظاهره أنَّ النفخ مرتان فقط، واعتمده القرطبي وغيره (٣).

وقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: أنها ثلاث نفخات، وذهب إليه جماعة من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن كثير، وابن العربي المالكي (٤).

قالوا: إنَّ هذه النفخات نفخة فزع، ونفخة صعق، ونفخة بعث.

نفخة الفزع: قال الله - عز وجل -: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} (٥).


(١) سورة المدثر: ٨ - ١٠.
(٢) البحر المديد ٧/ ١٧٣.
وهذا الخبر أخرجه أبو الشيخ في كتاب العظمة ٢/ ٦٠٣ من قول وهب بن منبّه، وسنده فيه محمد بن إبراهيم بن علاء، وهو منكر الحديث، ينظر: التقريب، ص ٤٦٦، رقم ٥٦٩٨، وذكره الحافظ في فتح الباري ١١/ ٣٦٧، والسيوطي في الحبائك في أخبار الملائك، ص ٣١ - ٣٢، وإن ثبت هذا الأثر فهو من الإسرائيليات.
(٣) البحر المديد ٤/ ٢٢٢.
(٤) نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح ١١/ ٤٤٩.
(٥) سورة طه: ١٠٢.

<<  <   >  >>