للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الشَّرع: "ما توزن فيه الأعمال يوم القيامة، وهو ميزانٌ حقيقيٌّ له لسان وكفَّتان ولا يعلم قدره إلا الله" (١).

رأي ابن عجيبة في إثبات الميزان.

يُثبت ابن عجيبة الميزان، كما في قول الله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢).

وأمَّا رأيه في الوزن هل هو للأعمال أم الصحائف، فيرى أنه لصحائف الأعمال، يقول: " {وَالْوَزْنُ} أي: وزن الأعمال، على نعت الحق والعدل، حاصلٌ يوم القيامة، حين يُسأل الرَّسل والمُرسل إليهم، والجمهور على أنَّ صحائف الأعمال تُوزن بميزان له لسان وكفَّتان، ينظر إليه الخلائق؛ إظهارًا للمعدلة وقطعًا للمعذرة كما يسألهم عن أعمالهم، فتعترف بها ألسنتهم، وتشهد بها جوارحهم، ويؤيده ما رُوِي: «أنَّ الرَّجل يُؤتى به إلى الميزان، فيُنشَر عليه تسعَةٌ وتِسعُونَ سِجلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مدّ البصر، فتخرج له بطاقة فيها كلمة الشهادة، فتوضع السجلات في كفَّة، والبطاقة في كفَّة، فتثقل البطاقة، وتطيش السجلَّات» (٣) , وقيل: توزن الأشخاص؛ لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنَّه ليأتي العظيم السَّمين يوم القيامة لا يزن عند الله تعالى جناح بعوضة» (٤)، والتحقيق: أنَّ المراد به الإهانة والتصغير، وأنه لا


(١) ينظر: شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة ٦/ ١٢٤٥، لوامع الأنوار البهية ٢/ ١٨٤، ومجموع الفتاوى ٤/ ٣٠٢، تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان ٢/ ١٧٨.
(٢) سورة الأعراف: ٨.
(٣) أخرجه ابن ماجه ٢/ ١٤٣٧، رقم ٤٣٠٠، والحاكم في المستدرك ١/ ٧١٠، رقم ١٩٣٧، وقال: صحيح الإسناد، على شرط مسلم، والترمذي ٥/ ٢٤، رقم ٢٦٣٩، وقال: حسن غريب، وابن حبان ١/ ٤٦١، رقم ٢٢٥، واللفظ له، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٨٠٩٥.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}، ٣/ ٢٥٧، رقم ٤٧٢٩.

<<  <   >  >>