للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: ما تعلَّقت به الإرادة الدينيَّة فقط، وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة، فعصى ذلك الأمر الكُفَّار والفُجَّار فتلك كلُّها إرادة دين وهو يحبها ويرضاها لو وقعت ولو لم تقع.

والثالث: ما تعلَّقت به الإرادة الكونية فقط، وهو ما قدَّره وشاءه من الحوادث التي لم يأمر بها، كالمباحات والمعاصي، فإنه لم يأمر بها ولم يرضها ولم يحبها إذ هو لا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر، ولولا مشيئته وقدرته وخلقه لها لما كانت، ولما وجدت فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

والرابع: ما لم تتعلَّق به الإرادتان، وهو ما لم يكن من أنواع المباحات والمعاصي، فإنَّ الله لم يأمر بها شرعًا ولم يردها، وهو أيضًا لم يردها كونًا، فلم تقع (١).

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

"والفرق بينهما: أنَّ الكونية يلزم فيها وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوبًا لله، فإذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون.

وأمَّا الشرعية: فإنه لا يلزم فيها وقوع المراد ويلزم أن يكون محبوبًا لله، ولهذا نقول: الإرادة الشرعيَّة بمعنى المحبَّة، والكونيَّة بمعنى المشيئة.

فإن قيل: هل الله يريد الخير والشر كونًا أو شرعًا؟

أجيب: إنَّ الخير إذا وقع; فهو مراد لله كونًا وشرعًا، وإذا لم يقع; فهو مراد لله شرعًا فقط، وأمَّا الشرُّ فإذا وقع; فهو مراد لله كونًا لا شرعًا وإذا لم يقع; فهو غير مراد كونًا ولا شرعًا" (٢).


(١) مجموع الفتاوى ٨/ ١٨٩.
(٢) القول المفيد على كتاب التوحيد ٢/ ٢٩٦، وينظر: شرح الواسطية للشيخ الفوزان، ص ٣٨.

<<  <   >  >>