للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (١).

قال ابن القيم في تفسير هذه الآية: "فأمر تعالى بطاعته، وطاعة رسوله، وأعاد الفعل إعلامًا بأنَّ طاعة الرسول تجب استقلالًا من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقًا، سواء كان ما أمر به في الكتاب أولم يكن فيه، فإنه أُوتِيَ الكتاب ومثله معه" (٢).

وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الكتاب والسُّنَّة هما الميزان للأقوال والأفعال، لهذا وُفِّقوا لكل خير؛ لأنهم "جعلوا الكتاب والسُّنَّة إمامهم، وطلبوا الدين من قبلهما، وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسُّنَّة، فإن وجدوه موافقًا لهما قبلوه وشكروا الله حيث أراهم ذلك ووفقهم إليه، وإن وجدوه مخالفًا لهما تركوا ما وقع لهم، وأقبلوا على الكتاب والسُّنَّة، ورجعوا بالتهمة على أنفسهم، فإن الكتاب والسُّنَّة لا يهديان إلا إلى الحق، ورأي الإنسان قد يرى الحق وقد يرى الباطل" (٣).

وهذه من نعم الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم اعتصامهم بالكتاب والسُّنَّة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان أنه لا يُقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أنَّ الرسول جاء بالهدى ودين الحق" (٤).


(١) سورة النساء: ٥٩.
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين ١/ ٤٨.
(٣) الحجة في بيان المحجة ٢/ ٢٣٨.
(٤) مجموع الفتاوى ١٣/ ٢٨.

<<  <   >  >>