للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتباعه سبب حصول المحبة من الله سبحانه" (١)، ولذلك "لا بدَّ للوليِّ من أن يكون مقتديًا في أقواله وأفعاله بالكتاب والسُّنَّة، وأن ذلك هو المعيار الذي يعرف به الحق من الباطل، فمن ظهر منه شيءٌ مما يخالف هذا المعيار فهو ردٌّ عليه، ولا يجوز لأحد أن يعتقد فيه أنه وليُّ الله، فإن أمثال هذه الأمور تكون من أفعال الشياطين، كما نشاهده في الذين لهم تابع من الجن، فإنه قد يظهر على يده ما يظن من لم يستحضر هذا المعيار أنه كرامة، وهو في الحقيقة مخاريق شيطانية وتلبيسات إبليسية.

ولهذا تراه يظهر من أهل البدع، بل من أهل الكفر وممن يترك فرائض الله سبحانه ويتلوَّث بمعاصيه؛ لأنَّ الشيطان أميل إليهم للاشتراك بينه وبينهم في مخالفة ما شرعه الله سبحانه لعباده.

وقد يظهر شيءٌ مما يظن أنه كرامة من أهل الرياضة، وترك الاستكثار من الطعام والشراب على ترتيب معلوم، وقانون معروف حتى ينتهي حاله إلى أن لا يأكل إلا في أيام ذوات العدد، ويتناول بعد مضي أيام شيئًا يسيرًا.

فيكون له بسبب ذلك بعض صفاء من الكدورات البشرية، فيدرك ما لا يدركه غيره، وليس هذا من الكرامات في شيء، ولو كان من الكرامات الربَّانية والتفضُّلات الرحمانية لم يظهر على أيدي أعداء الله" (٢).

ودحض ابن تيمية - رحمه الله - مساواة الأنبياء بالأولياء فقال: " ... والإيمان بكلِّ ما جاء به الأنبياء واجب، فإنهم معصومون، ولا يجب الإيمان بكلِّ ما يقوله الوليُّ بل ولا يجوز، فإنه ما من أحد من الناس إلا يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن سبَّ نبيًّا من الأنبياء قُتل وكان كافرًا مرتدًّا بخلاف الولي" (٣).


(١) قطر الولي على حديث الولي، ص ٢٢٤.
(٢) المرجع نفسه، ص ٢٤٠.
(٣) شرح العقيدة الأصفهانية، ص ١٥٨.

<<  <   >  >>