للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد جعل الغاية الكبرى من الولاية الوصول إلى وحدة الوجود، وهي التمكُّن في المعرفة، ولذلك طريقته أن ينتقل السالك من مقام إلى مقام حتى يصل للتمكين.

قال: "والمقامات هي التوبة، والتقوى، والاستقامة، والزُّهد، والورع ... وكل مقام له علم وعمل وحال، فأوَّله علم، وثانيه عمل، وثالثه حال، ثم مقام، فإذا بلغ مقام المعرفة وتمكَّن فيها انقطعت المقامات" (١).

فلقد حصر الولاية في أهل التمكين الذين وصلوا إلى وحدة الوجود -كما زعم-، حتى إنه يرى أن من يصل إلى هذه المعرفة تسقط عنه التكاليف، "مادامت البشرية موجودة فلا بدَّ من التكليف ... فإذا انهدمت البشرية سقطت التكاليف" (٢).

وبهذا يتضح أنَّ "الولاية لها معنى آخر تمامًا في الشَّكل والمضمون والموضوع، فوليُّ الله عند الصوفية من اختاره الله وجذبه إليه، وليس من شرط ذلك أن يكون عند هذا المختار والمجذوب أيّ مواصفات للصلاح والتقوى؛ إذ الولاية عندهم نوع من الوهب الإلهي دون سبب، وبغير حكمة، ويجعلون الولاية الكسبية هي ولاية العوام والمتنسِّكين والولاية الحقيقية عندهم هي الولاية الوهبية" (٣).

وبهذا جعلوا المجاذيب والمجانين والفسقة والظلمة والملاحدة المشركين من أهل وحدة الوجود، أولياء لله بمجرَّد أن ظهر على أيديهم بعض خوارق العادات (٤).

ومعتقد أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الخوارق ليست دليلًا على الولاية؛ لأنها ربما تقع من البر والفاجر.


(١) إيقاظ الهمم، ص ٣١٩.
(٢) الفتوحات الإلهية، ص ٣٢٨، إيقاظ الهمم، ص ٣٠٩.
(٣) الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسُّنَّة، ص ٢٢١.
(٤) ينظر: المرجع نفسه، ص ٢٢٢.

<<  <   >  >>