للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقصورة جامع الجعيدي (١)، ورآه رجلًا ضخمًا كبير اللِّحية، واقترب منه حتى مسَّت شعر لحيته وجهه، وتكلَّم معه بكلام غاب عنه -أي نسيه- لطول العهد به (٢).

ولو عرض ابن عجيبة قوله هذا على الكتاب والسُّنَّة لعلم أنه مخدوع ممكورٌ به قد طمع الشيطان به، فالخضر لم يدرك الإسلام، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "والصواب الذي عليه المحققون أنه ميِّت، ولم يدرك الإسلام، ولو كان موجودًا في زمن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لوجب عليه أن يؤمن به، ويجاهد معه، كما أوجب الله - عز وجل - ذلك عليه وعلى غيره، ولكان يكون في مكة والمدينة، ولكان يكون حضوره عند قوم كُفَّار ليرقع لهم سفينتهم، ولم يكن مختفيًا عن خير أُمَّة أُخرجت للناس، وهو قد كان بين المشركين ولم يحتجب عنه" (٣).

وطريقة الصوفية ومن سار على نهجهم أنهم يعتمدون على الكشف في معرفة الكرامة، فهذا ابن عجيبة يزعم أن من كراماته أنه يُكشف له عن حقيقة ما يريد استعماله من الطعام، فيعرف حرامه من حلاله (٤).

ولكن هذه الأمة ولله الحمد لا يزال فيها من يتفطن لما في كلام أهل الباطل من الباطل ويرده (٥).


(١) هو جامع العيون، ويُسمَّى أيضًا جامع الجعيدي نسبة إلى بانيه الشيخ علي بن مسعود الجعيدي الذي أتم بناءه سنة ١٠٣٠ هـ، وهو من أعظم مساجد مدينة تطوان، وقد زيد فيه من جهة يمين القبلة، ثم أضيف الصحن، وقبل عشرة أعوام أُعيد بناؤه وزيد فيه. ينظر: مجلة دعوة الحق (مساجد تطوان العتيقة وعناية الملوك العلويين بها)، إسماعيل الخطيب، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المملكة المغربية، العدد ٣٨٠، ص ٢٠، شوال ١٤١٥ هـ.
(٢) ينظر: الفهرسة، ص ٧٥.
(٣) مجموع الفتاوى ١٧/ ١٠٠.
(٤) ينظر: اللوائح القدسية في شرح الوظيفة الزروقية، ص ١٢١.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٩/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>