للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: "إذا قال الفقير -أي الصوفي-:

أنا من أهوى ومن أهوى أنا ... نحن روحان حللنا بدنا (١)

قبل تحقق فنائه فما أبعده عن الصواب، وإذا تحقق فناؤه فلا يقوله إلا مع من يُصدِّقه في حاله، وإلا تعرض لقتله" (٢).

وردَّ ابن عجيبة على من يتهم الصوفية بالحلول والاتحاد (٣)، فقال: "وسبب انتقاد أهل الظاهر على أهل الباطن: أنَّ أهل الباطن لما استشرفوا على بحار زواخر من التوحيد الخاص رام بعضهم للتعبير عن تلك الأسرار فضاقت عبارتهم عن ذلك، ففهموا منه غير ما أرادوه فرموا بالحلول والاتحاد، وليس ثم حلول ولا اتحاد" (٤).

ولذلك يرى سبب مقتل الحلاج أنه أفشى هذا السِّر، فقال: "كلُّ من أفشى سرَّ الربوبية سلَّط الله عليه سيف الشريعة فيباح دمه ويهتك عرضه، كما وقع للحلاج وغيره ... والمراد بسرِّ الربوبية التوحيد الخاص، الذي هو الشهود والعيان المخصوص بأهل العرفان" (٥).

وفسَّر قول الله تعالى: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٦)، "أي أفلا يرجعون عن تلك العقائد الزائفة والأقوال الفاسدة، ويستغفرونه بالتوحيد والتوبة عن الاتحاد والحلول" (٧).


(١) ديوان الحلاج، ص ٤٧.
(٢) الفتوحات الإلهية، ص ٣٦٧.
(٣) ابن عربي، وابن الفارض، ومن تبعهم.
(٤) شرح نونية الششتري، ص ١٠.
(٥) شرح قصيدة يامن تعاظم، ص ٢٠ - ٢١.
(٦) سورة المائدة: ٧٠.
(٧) البحر المديد ٢/ ٢٠٣.

<<  <   >  >>