للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلِّي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سُنَّتي فليس منِّي» (٢).

ولقد أوضح الفقهاء حكم النكاح، قال ابن قدامة المقدسي - رحمه الله -: "والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامَّة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح.

الثاني: من يستحب له، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور، فهذا الاشتغال له به أولى من التخلِّي لنوافل العبادة، وهو قول أصحاب الرأي، وهو ظاهر قول الصحابة - رضي الله عنهم - وفعلهم، قال ابن مسعود: لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أنِّي أموت في آخرها يومًا، ولي طول النكاح فيهن، لتزوجت مخافة الفتنة.

والثالث: من لا شهوة له، إمَّا لأنه لم يخلق له شهوة كالعنِّين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه، ففيه وجهان، أحدهما: يستحب له النكاح؛ لعموم ما ذكرنا، والثاني: التخلِّي له أفضل؛ لأنه لا يحصل مصالح النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره، ويضرُّ بها، ويحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه، والأخبار تحمل على من له شهوة؛ لما فيها من القرائن الدالة عليها" (٣).


(١) سورة النساء: ٣.
(٢) أخرج البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، ٣/ ٣٥٤، رقم ٥٠٣٦.
(٣) المغني ٦/ ٤٤٦ - ٤٤٨.

<<  <   >  >>