للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أنكر ابن العربي المالكي (١) زعمهم أنَّ صفاء القلب يوجب تجلِّي العلوم فيه وهو سبب لانكشاف الأسرار بقوله: "إنه خطأ بحت ودعوى عريضة لا برهان عليها من العقل، ولا من جهة السمع ... فإن أرادوا أن الفكر في المخلوقات والآيات يوصل إليها فباطل أيضًا قطعًا، وما أعلمني بما يحومون حوله ويسفون عليه" (٢).

ولقد دعا أهل السُّنَّة إلى الابتعاد عن مناهج الطرق الصوفية، والتي حملت البلايا والرزايا، ومن بلاياهم القول بوحدة الوجود، وتقديس القبور في مشارق الأرض ومغاربها قال القرطبي: "قال علماؤنا: يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد" (٣)، وهم يعتقدون أن بركة الأولياء موجودة حتى بعد موتهم وأنَّ الكون يُسيِّره الأولياء، وهذا قول لأحد الفقراء الذي فتح لي الزاوية الدرقاوية في بني زروال أثناء الدراسة الميدانية التي أجريتها شمال المغرب العربي بتاريخ ٨/ ٥/١٤٣٨ هـ، فلقد قال: إنَّ المطر يأتينا ببركة سيدي الدرقاوي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فالواجب تحذير الأُمَّة من خطر الصوفية، والعودة بهم إلى الكتاب والسُّنَّة وما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - ذلكم هو الطريق النافع للأُمَّة والذي يخلِّصها من الأوضاع المهلكة والتي من أعظم أسبابها الفكر الصوفي وعقائده ومناهجه (٤). قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (٥).


(١) هو: محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الأشبيلي، ولد سنة ٤٦٨ هـ، له مؤلفات منها: عارضة الأحوذي، العواصم من القواصم، توفي سنة ٥٤٣ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٩٧.
(٢) قانون التأويل، ص ٥٥٨.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٣٨٠.
(٤) ينظر: كشف زيف التصوف وبيان حقيقة وحال حملته، ص ٥٢، ٩٤.
(٥) سورة الأحزاب: ٧٠.

<<  <   >  >>