للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقال: المنتسبون للإسلام قسمان: أهل السُّنَّة، والشيعة، كما بيَّن شيخ الإسلام - رحمه الله -، وهو المعنى المشهور عند العامة، فإنهم لا يعرفون ضدَّ السُّنِّي إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم: أنا سُنِّيٌّ فإنما معناه عندهم: لست رافضيًّا (١).

وقد ورد عن بعض السَّلف هذا المعنى، فقد سُئل سفيان الثوري - رحمه الله -: يا أبا عبد الله ما موافقة السُّنَّة؟ فقال: "القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود من قال غير هذا فهو كافر، والإيمان قولٌ وعملٌ ونيَّة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ولا يجوز القول إلا بالعمل، ولا يجوز القول والعمل إلا بالنيَّة، ولا يجوز القول والعمل والنيَّة إلا بموافقة السُّنَّة ... وموافقة السُّنَّة تكون بتقديم الشيخين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - " (٢).

المعنى الثاني: معنى أخص، وهو ما يقابل المبتدعة وأهل الأهواء، وهو الأكثر استعمالًا وعليه كتب الجرح والتعديل (٣).

قال الشاطبي - رحمه الله -: "ويطلق (أي لقب السُّنَّة) في مقابلة البدعة، فيقال: فلانٌ على سُنَّة إذا عمل على وفق ما عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك" (٤).

وقال ابن تيمية - رحمه الله -: "فلفظ أهل السُّنَّة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة، وقد يُراد به أهل الحديث والسُّنَّة المحضة، فلا يَدخل فيه إلَّا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول إن القرآن غير مخلوق،


(١) مجمل الاعتقاد ضمن مجموع الفتاوى ٣/ ٣٥٦، منهاج السُّنَّة النبوية ١/ ١٢١.
(٢) رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ١/ ١٥٢.
(٣) مجموع الفتاوى ٢/ ٧ - ٨.
(٤) الموافقات ٤/ ٤.

<<  <   >  >>