ثُمَّ روَى البيهقيُّ الحديثَ مِن طريقَينِ مُرسلينِ بسندٍ صحيحٍ.
ولَهُ طريقٌ آخرُ، عن أبِي سلَمةَ، عن أبِي هُريرةَ مرفوعًا: "إن أعجَلَ الطَّاعات ثوابًا صلةُ الرَّحِم، وإنَّ أهل البيت لَيَكُونون فُجَّارًا، فتَنموا أموالهُم، ويَكثر عددُهُم إذا وَصَلُوا أرحامَهُم. وإنَّ أعجَلَ المعصية عُقوُبَةً البغيُ، والخِيانةُ. ويَمينُ الغَموسُ: تُذهِبُ المالَ، وتذَرُ الدِّيارَ بلاقِعَ". وزاد الطَّبرانِيُّ: "وتُقِل في الرَّحمِ".
أخرجَهُ ابنُ حبَّانَ في "المجرُوحِينَ" (٣/ ١٤٩ - ١٥٠) مُعلَّقًا، ووصلَهُ الطَّبرانيُّ في "الأوسطِ" (ج ١/ ق ٦١/ ١) من طريقِ أبِي جعفرٍ النُّفيليِّ، ثنا أبُو الدَّهماءِ البصريُّ - شيخُ صدقٍ -، عن محمَّدِ بن عمرٍو، عن أبِي سلَمةَ به.
قال الطَّبرانيُّ: "لَم يَروِ هذا الحديثَ عن محمَّدِ بن عمرٍو إلَّا أبُو الدَّهماءِ، تفرَّدَ به النُّفيليُّ".
• قلتُ: والنُّفيليُّ ثقةٌ مأمونٌ، ولكِنْ أبُو الدَّهماءِ قال فيه ابنُ حبَّانَ: "كانَ مِمَّن يروِي المقلوباتِ، ويأتِي عن الثِّقاتِ بمَا لَا يُشبهُ حديث الأثباتِ، فبطُلَ الاحتجاجُ به إذَا انفَرَدَ".
واعتَمَدَ كلامَهُ الهيثميُّ في "المَجمعِ" (٨/ ١٥٢) فضعَّفهُ جدًّا، ولكنَّهُ خالفَ فِي موضعٍ آخرَ من "كتابِهِ" (٨/ ١٨٥) فقال: "فيه أبو الدَّهماءِ البصريُّ، وثَّقهُ النُّفيليُّ، وضعَّفهُ ابنُ حبَّانَ". وفي عبارتهِ نظرٌ؛ فإنَّ النُّفيليَّ لَم يُوثِّقهُ، بل قالَ: "شيخُ صدقٍ"، وهذا لا يَدلُّ علَى ضبطٍ، بل غايتُهُ إثباتُ صدقِهِ فحَسبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute