• قلتُ: إنَّمَا كَذَّبَهُ ابنُ حَزمٍ - ولم يُصِب - للحديث الذي رَوَاهُ مُسلِمٌ (٢٥٠١/ ١٦٨)، وأبو الشَّيخ في "الأخلاق"(رقم ٩٤) مِن طريق عِكرِمَةَ بن عمَّارٍ، حدَّثَنِي أبو زمَيْلٍ الحَنَفِيُّ، حدَّثَنِي ابنُ عبَّاسٍ، قال: كان المُسلِمُونَ لا يَنظُرُون إلى أبي سُفيانَ، ولا يُقَاعِدُونَهُ، فقال:"يا رسُولَ الله! ثلاثٌ أَعطِنِيهِنَّ"، قال:"نَعَم"، قال:"عِندِي أَحسَنُ العَرَبِ، وأجَمَلُه، أمُّ حَبِيبَةَ، أُزَوِّجُكَها"، قال:"نعم" … الحديث.
فأَنكَرَ ابنُ حَزمٍ هذا الحديثَ، وذلك لأنَّ أهلَ التَّارِيخِ أَجمَعُوا على أن أُمَّ حَبِيبَةَ كانت تحت عَبدِ اللّه بن جَحشٍ، وَوَلَدَت له، وهَاجَرَ بها، وهُمَا مُسلِمَان، إلى أَرضِ الحَبَشَةِ، ثُمَّ تَنَصَّرَ هناك، وبَقِيَت أُمُّ حَبِيبَةَ على دِينِها، فبَعَث رسُولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم - إلى النَّجَاشِيِّ يَخطِبُهَا عليه، فزَوَّجَهُ إِيَّاهَا، وكان ذلك في سَنَةِ سَبعٍ من الهِجرَةِ. وجاء أبُو سُفيَانَ في زَمَن الهُدنَةِ، في صُلح الحُدَيبِيَةِ، فدَخَلَ على أُمِّ حَبِيبَةَ، فثَنَت البِساطَ حتَّى لا يَجلِسَ عليه. ولا خِلَافَ أن أبا سُفيانَ، ومُعَاوِيةَ أَسلَمَا في فَتحِ مَكَّةَ، سنةَ ثَمَانٍ. ولا يُعرَفُ أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَّرَ أَبَا سُفيانَ.
ولذلك، قال الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(٧/ ١٣٧): "مُنكَرٌ".
وقد أَجَابَ العُلماءُ بأجوِبَةٍ، ذَكَرتُها في تعليقي على "الدِّيبَاج على صَحِيح مُسلِمِ بن الحجَّاج" للسِّيُوطِيِّ، فانظُرهُ.
* الأَمرُ الثَّاني: أن هِلالَ بنَ عِياضٍ - أو عِياضَ بنَ هلالٍ - لا يُعرَفُ، كما قال الذَّهَبِيُّ.