والثَّورِيُّ - على اختلافٍ فيه -، فَرَووهُ جميعًا عن يحيى بن أبي كَثيرٍ، عن عِياضِ بن هلالٍ، عن أبي سعيدٍ مرفُوعًا.
فالأَشبَهُ أن يُقالَ إنَّ الوَهمَ مِن يحيى بن أبي كَثيرٍ.
ونصَّ على ذلك ابنُ القَطَّان، فقال في "الوهم والإيهام"(٥/ ٢٥٧ - ٢٥٨):
"أن عبدَ الحَقِّ ذَكَرَ عِكرِمةَ على أنَّه عِلَّتَهُ، - قال: - وهو صَدُوقٌ، ليس به بأسٌ. قاله ابنُ مَعِينٍ. وقال البُخَارِيُّ: "لم يَكُن عندَهُ كتابٌ". ولم يَضُرَّهُ ذلك؛ فإنَّهُ كان يَحفَظُ، إلَّا أنَّهُ غَلَطَ فيما يَروِي عن يَحيَى بن أبي كَثِيرٍ، وكان أيضًا مُدلِّسًا. وبالجُملَةِ، فلو لم يَكُن بالحديثِ إلَّا هذا لم يَكُن مَعلُولًا، وإنَّما عِلَّتُه الكُبرَى أَنَّ رَاوِيهِ عن أبي سعيدٍ لا يُعرَف مَن هُوَ، وذلك أنَّهُ يَروِيهِ عِكرِمَةُ بن عمَّارٍ، عن يَحيَى بن أبي كَثِيرٍ، عن هلال بن عِياضٍ. وكذا رواه عن يَحيَى بن أبي كَثِيرٍ أبانُ بنُ يزيدٍ، قالا جميعًا: عَنهُ، عن هلال بن عِياضٍ. ورَواهُ جماعةٌ عن يحيَى بن أبي كَثِيرٍ، فقالوا: عِياض بن هلالٍ. كذا رواه عنهُ: هِشَامٌ الدَّستُوَائِيُّ، وعليُّ بنُ المُبارَك، وحَرْبُ بن شَدَّادٍ، كُلُّهم عَكسَ ما قال عِكرِمَةُ بن عمَّارٍ، وأبانُ بن يَزِيدَ، فقالُوا: عن عِياض بن هلالٍ. ورواه عن الأَوزَاعِيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، فقال: حدَّثَنِي عياضُ بن أبي زُهيرٍ. وهذا كُلُّهُ اضطرابٌ، لكنَّهُ على يحيى بن أبي كَثِيرٍ، لا على عِكرِمَةَ بن عمَّارٍ. فيُحتَمَلُ أن يَكُونَ ذلك مِن يحيى بن أبي كَثِيرٍ نَفسِه، ويُحتَمَلُ أن يَكُونَ مِن أصحَابِهِ المختَلِفين عليه. فقول أبي مُحَمَّدٍ: "لم يُسنِد هذا الحديثَ غيرُ عِكرِمَةَ بن