حَقٌّ، وقَد أَقَادَت بها الخُلَفَاءُ. قَالَ لي: مَا تَقُولُ يا أبا قِلَابةَ؟ ونَصَبَني للنَّاسِ، فَقُلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ! عِندَكَ رُؤُوسُ الأجنَاد وَأَشرَافُ العَرَبِ، أرَأَيتَ لو أنَّ خَمسينَ منهُم شَهِدوا على رَجُلٍ محُصَنٍ بدمَشقَ أنَّهُ قد زَنَى، لم يَرَوهُ، أكُنتَ ترجُمهُ؟ قال: لا. قُلتُ: أَرَأَيتَ لو أنَّ خَمسِينَ منهُم شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بحِمصَ أنَّهُ سرَقَ، أَكُنتَ تَقطَعُهُ ولَم يَرَوهُ؟ قَالَ: لا. قُلتُ: فَوَالله! مَا قَتَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَحَدًا قَطُّ، إلَّا في إحدَىَ ثَلاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نفسِهِ فقُتِل، أو رَجُلٌ زَنَى بعدَ إحصَانٍ، أو رَجُلٌ حَارَبَ اللهَ ورسُولَهُ وارتدَّ عن الإسلام. فقال القَومُ: أَوَلَيسَ قد حدَّثَ أنَسُ بنُ مالكٍ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ في السَّرَقِ، وسَمَرَ الأَعيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُم في الشَّمسِ؟ فَقُلتُ: أنا أُحَدِّثُكُم حَدِيثَ أنَسٍ: حدَّثَني أنَسٌ، أنَّ نَفَرًا مِن عُكَلٍ ثَمَانيةً قَدِموا على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايَعُوهُ على الإسلامِ، فَاسْتَوخَمُوا الأرضَ، فسَقَمَت أجسامُهُم، فشَكَوْا ذلك إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"أَفلا تَخرُجُوُنَ مَعَ رَاعِينَا في إبِلِه، فتُصيبُونَ من ألبَانِهَا وأبوالهِا؟ "، قالوا:"بلى"، فَخَرَجوا فشَرِبُوا من ألبانهَا وأبوالِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلوا رَاعِي رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأَطرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلكَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسَلَ في آثارِهِم، فَأُدرِكُوا، فجيء بهم، فَأَمَرَ بهم، فَقُطِّعَت أيدِيهِم وأَرجُلُهُم، وسمَرَ أَعيُنَهُم، ثُمَّ نَبَذَهُم في الشَّمسِ، حتَّى ماتُوا. قُلتُ: وأيُّ شيءٍ أشَدُّ ممَّا صَنَعَ هؤلاء؟! ارتَدُّوا عن الإسلام، وقَتَلُوا وسَرَقُوا. فقال عَنبَسَةُ بنُ سَعيدٍ:"والله! إنْ سَمِعتُ كَاليَومِ قَطُّ! "، فقُلتُ:"أتَرُدُّ عليَّ حَدِيثي يا عَنبَسَةُ؟ "، قال: "لا، ولَكَن جِئتَ