وقال المُنذِريُّ في "التَّرغيب"(٢/ ٣٦١): "طُرقُ وأسانيدُ هذا الحديث جيِّدةٌ، ومتنُه غريبٌ جدًّا" ا. هـ.
ولمَّا نَقَلَ ابنُ كثيرٍ في "فضائل القُرآن"(ص ٢٩١) تَحسِين التِّرمذيِّ، أردَفَهُ بقولِهِ:"كذا قال" يعني أنَّه يُنكِره عليه.
وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في "لسان الميزان": "لعلَّ الوليدَ دلَّسَهُ عن ابن جُرَيجٍ، فقد ذَكَر ابنُ أبِي حاتمٍ في ترجمة: "مُحمَّدِ بنِ إبراهيم القُرَشيِّ" أنَّه روى عنه الوَلِيدُ بنُ مُسلمٍ، وهِشامُ بنُ عمَّارٍ" ا. هـ.
• قلتُ: وهذا الحديثُ مُنكَرٌ، وليس إسنادُهُ نظيفًا كما قال الذَّهبيُّ، ولا جيِّدًا كما قال المُنذِريُّ؛ فإنَّ الوليدَ بنَ مُسلِم دلَّسه ولم يُصرِّح بالتَّحديث إلَّا في شيخه حسبُ. والمعروفُ أنَّ مُدلِّسَ التَّسويةِ يلزَمُه التَّصريحُ بالتَّحديثِ في كُلِّ طبقات السَّنَد، وقد صرَّح بذلك جماعَةٌ مِن المُحقِّقين، مِنهُم الحافظُ في "الفتح"(٢/ ٣١٨)، في حديثٍ آخرَ رواه الوليدُ بنُ مُسلِمٍ، فقال:"وقد صَرَّح بالتَّحديث في جميع الإسناد". فقول الذَّهبيِّ:"إنَّ الوليد صَرَّح بالتَّحديث" لا يَخفَى ما فيه؛ فإنَّ الوليدَ لا يُدَلِّسُ تَدلِيسَ الإسنادِ حسب حتَّى يُقال فيه ذلك.
وقد رأيتُ أبا حاتِمٍ الرَّازِيَّ سُئل عن حديثٍ -كما في "عِلَل وَلدِه"(١٨٧١، ٢٣٩٤) -، رواه بقيَّةُ بن الوليد، قال: حدَّثَنا ابنُ جُريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبَّاسٍ، وساق حديثًا. قال أبو حاتمٍ:"وكان بقيَّةُ يُدَلِّسُ، فظنُّوا هؤُلاء أنَّهُ يقولُ في كلِّ حديثٍ: حدَّثَنا، ولا يفتَقِدُون الخَبَر منه" ا. هـ.