عن ابن عبَّاسٍ كِتابًا في التَّفسِيرِ". وقال ابنُ عَدِيٍّ: "مُنكَرُ الحديث"، وساق له أحاديثَ بَواطِيلَ.
(تَنبِيهٌ)
ذَكَرَ بعضُ المُعاصِرِينَ في كتابٍ لَهُ سمَّاهُ "هَديَ النَّبِيِّ" (ص ٢٣٩)، هذا الحديثَ -أعني: حديثَ الوَلِيدِ بنِ مُسلِمٍ-، وقال: "فإنَّا نُرجِّحُ القَولَ بِضَعفِ الحديثِ، ونَرفُضُ القَولَ بأنَّهُ موضُوعٌ رَفضًا بَاتًّا. فالحَدِيثُ، وإن كان ضَعِيفًا، فإِنَّنَا نَرَى أنَّهُ لا مَانِع من العَمَل بِهِ".
• قلتُ: مُصِيبَةُ هؤُلاء أنَّهُم لم يُمَارِسُوا عِلمَ الحديثِ، ولم يُعَانُوا النَّظَر في كُتُب الأَئِمَّة الماضِينَ. وأَكثَرُ هؤُلاءِ على طرِيقَةِ المُتسَاهِلِين من المُتأَخِّرِين، أَمثَالِ السِّيُوطِيِّ وغَيرِهِ في دَعوَى رَدِّ أنَّ الحَدِيثَ مَكذُوبٌ؛ لأنَّهُ لا يُوجَدُ في إسنادِهِ وَضَّاعٌ، أو كَذَّابٌ. فتَرَى السِّيُوطِيَّ -رحمه الله- في كتابه "اللَّاَلئ المصنُوعَة" يرُدُّ كثِيرًا على ابنِ الجَوزِيِّ في حُكمِهِ على الحديثِ بالوَضعِ، فيقُولُ: "ليس بموضُوعٍ؛ وفُلانٌ رَوَى له ابنُ مَاجَهْ"، فإذا رَجَعتَ إلى ترجمَةِ هذا الرَّاوِي وجَدتَهُ ساقِطًا عن حدِّ الاعتِبَارِ بحدِيثِهِ، وأَجمَعَ العُلماءُ على تَركِهِ. فهُو يُرِيدُ أن يَقُولَ: الحديثُ ضعيفٌ جِدًّا، ولكنَّهُ ليسَ موضُوعًا إِذ أنَّهُ في غالب أمرِهِ، يَستَلزِمُ وُجُودَ كذَّابٍ في الإسناد حتَّى يَحكُمَ عليه بالوَضعِ. وهذا ليسَ بلَازِمٍ؛ فالرَّاوِي المُغَفَّلُ قد يُلَقَّنُ بالحديث المكذُوبِ، ولِغَفلَتِهِ يَروِيهِ. وسأُعطِيكَ نمَاذِجَ من تَصَرُّفِ عالِمٍ من أَكبَرِ عُلَمَاءِ الحديثِ في زَمَانِهِ -أَلَا وهو أبُو حاتِمٍ الرَّازِيُّ- حَكَمَ على الحديثِ بأنَّهُ موضُوعٌ، أو مَكذُوبٌ، أو مُفتَعَلٌ، مع أنَّ رَاوِيهِ مجَهُولٌ،