للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال شيخُنَا أبُو عبدِ الرَّحمن الأَلبَانِيُّ - حفظه الله - في "صحيحٌ التَّرغيب" (١/ ١٢٥): "وهذا وَهَمٌ فاحِشٌ، وسبُبُه - فيما أَرَى - اعتمادُ المُؤلِّف رحمه الله على حِفظِه، وإملاؤُهُ أحاديثَ الكتاب مِن ذاكرته، دون أن يَرجِع في ذلك إلى أُصُولِه؛ فإنَّ هذا الحديثَ الذي جَعَلَهُ مِن مُسنَد أُسامَةَ بن زيدٍ، همْا وهناك، ليس مِن حديثهِ مُطلَقًا، لا في "الصَّحِيحَين"، ولا في غيرِهِما، وإنَّما هو حديثٌ آخرُ، لا صِلَةَ له بالأوَّل، يرويه أنَسُ بنُ مالكٍ - رضي الله عنه -" انتهَى.

• الثَّاني: قولُهُ: "رواه البُخارِيُّ، ومُسلِم"، يَقصِدُ المُنذِرِيُّ بهذا العزوِ الحديثَ السَّابِقَ على هذا، وهو: عن أُسامةَ بن زيدٍ - رضي الله عنه -، أنَّه سَمِع رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "يُجَاءُ بالرَّجُل يوم القِيامَةِ، فيُلقَى في النَّار، فتَندَلِقُ أقتابُهُ، فيَدُورُهَا كَما يَدُورُ الحمارُ بِرَحَاه، فيجتمعُ أهلُ النَّار عليه، فيَقُولُونَ: يا فلانُ! ما شأنُك؟! ألَستَ كُنتَ تأمُرُ بالعروف، وتَنهَى عن المُنكَر؟ فيقولُ: كنتُ آمرُكُم بالمعرُوفِ، ولا آتِيهِ، وأنهَاكُم عن الشَّرِّ، وآتيه".

ومع أنَّ المُنذِرِيَّ قال: "واللَّفظُ للبُخارِيِّ"، فإنَّهُ لم يَأتِ بِلفظِ البُخارِيِّ كما جاءَ فِي "صحيحه"، بل بَدَّل بعضَ الكَلِمات، ونَقَصَ حُروفًا.

فقد أخَرَجَ البُخارِيُّ هذا الحديثَ في مَوضِعَينِ مِن "صحيحه" ..

أوَّلهما - وهو الذي عَنَاهُ المُنذِرِيُّ -: فإنَّه رواه في "بدء الخلْق" (٦/ ٣٣١)، مِن طريق ابن عُيَينَةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائِلٍ، قال: قِيل لأُسامَةَ: لو أَتَيتَ فُلانًا فكلَّمتَهُ؟ قال: إنَّكُم لتَرَونَ أَنِّي لا أُكَلِّمُه إلَّا أُسمِعُكُم، إِنِّي أُكلِّمه في السِّرِّ، دُونَ أن أفتَحَ بابًا لا أَكُونُ أوَّلَ مَن فتحَهُ، ولا أَقُولُ