وهذه المُتابَعةُ كسرابٍ بِقيعةٍ؛ وأَصرَمُ بنُ حَوشَبٍ، أَصرَمٌ مِنَ الخَيرِ والفَضلِ، فقد كان كذَّابًا خبيثًا، كما قال ابنُ مَعِينٍ. وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يَضَعُ الحديث على الثِّقاتِ". وتَرَكَهُ البُخاريُّ، ومُسلِمٌ، والنَّسَائيُّ.
وأيضًا، في إسنادِهِ نُوحُ بن أبي مَريمَ، وكان يُلقَّب بـ "الجامع"؛ لأنَّهُ جَمَعَ عُلُومًا كثيرةً، لكنَّهُ كان يَضَعُ الحديثَ، وَيكذِبُ على رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهُو الذي وَضَع الأحاديث في فضائلِ سُوَر القُرآن، فلمَّا سُئل عن ذلك، قال:"رَأيتُ النَّاسَ شُغِلوا بفقه أبي حَنيفة، ومغازِي ابن إسحاق عن قِراءَةِ القُرآن، فوَضَعتُ هذه الأحادِيثَ، حِسبَةً لله تعالى"! فما أشدَّ غفلَتَهُ! إذ يتَقرَّبُ إلى الله تعالى بالكذِبِ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد صَدَوا ابن حِبَّانَ، إذ قال فيه:"جَمَعَ كُلَّ شيءٍ، إلَّا الصِّدقَ".
وفي الإسنادِ أيضًا: زَيدٌ العمِّيُّ، وهو ضعيفٌ.
وقد رَوَى ابن حِبَّانَ هذا الحديث في "المجروحين"(٣/ ٤٨ - ٤٩) من طريق أصرمَ بن حوشبٍ بسنده سواءٌ، ثُمَّ قال:"وأصرَمُ بن حَوشبٍ، وزيدٌ العمِّيُّ قد تبرَّأنا مِن عُهدَتهِما". فالسَّنَد في غاية السُّقُوط.
ثُمَّ معناه مُنكَرٌ؛ لأنَّه يُخالِف الأحاديث الصَّحيحةَ، التي تُرَغِّب في الصَّفِّ الأوَّلِ، حتَّى لَو وَصَلَ الأمرُ إلَى إجراءِ القُرعة: مَن يظفَرُ بالفُرجَةِ في الصَّفِّ الأوَّل؟
فأخرج البُخاريُّ (٢/ ٢٠٨)، عن أبي هُريرة مرفُوعًا:"ولَو يعلَمُون ما في الصَّفِّ المُقدَّم لاستَهَمُوا".