المعنيين؛ لاختلاف اللَّفظَين. وقال: أَلَا تَراه يقُولُ في هذا الحديث: "وَمَشَى وَلَم يَركَب" ومعناهُما واحدٌ. وإلى هذا ذهب الأَثرمُ صاحبُ أحمدَ.
وقال بعضُهم: قولُه: "غَسَّلَ" معناه: غَسلُ الرَّأس خاصَّةً؛ وذلك لأنَّ العرب لهُم لِمَمٌ وَشُعُورٌ، وفي غسلها مَؤُونة، فأفرد ذكرَ غسل الرَّأس من أجل ذلك. وإلى هذا ذَهَب مكحولٌ. وقولُه:"وَاغتَسَلَ" معناهُ: غَسَلَ سائرَ الجسَد.
وزعم بعضُهم أن قوله:"غَسَّلَ" معناه: أصاب أهلَه قبل خُروجه إلى الجُمعة؛ ليكُون أملَكَ لنفسه، وأحفظَ في طريقِهِ لبَصرِه. قال: ومِن هذا قولُ العَرَب: "فَحْلٌ غُسَلَةٌ" إذا كان كثيرَ الضِّراب.
وقولُه:"بَكَّرَ وَابتكَرَ"، زعم بعضُهم أن معنَى "بَكَّرَ": أدرك باكُورَة الخُطبة، وهي أوَّلهُا. ومعنى "ابتكَرَ": قدَّم في الوَقتِ.
وقال ابنُ الأنباريِّ:"معنى "بَكَّرَ": تصدقَّ قبل خُروجِه"، وتأوَّل في ذلك ما رُوِي في الحديث، من قوله:"بَاكِرُوا بالصَّدَقة؛ فإنَّ البلاء لا يتخطَّاها" انتهى كلامُ الخطَّابيِّ.
والحديثُ الذي ذَكرَه ابنُ الأنباريِّ، أخرجه البيهقيُّ في "شُعَب الإيمان"(٣٣٥٣). وفي إسناده بِشرُ بن عُبيدٍ: مُنكَرُ الحديث جدًّا.
ورجَّح المُنذريُّ في "التَّرغيب"(١٢٨٦) أنَّه موقُوفٌ على أنسٍ. واللهُ أعلَمُ.
وأخرجه الطَّبَرانيُّ في "الأوسط"(٥٦٤٣)، وفي إسناده عيسى بن عبد الله: متروكٌ، واتُّهم بالوضعِ.