للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العَصر الحَاضِر، وأَعنِي بهم أهلَ التَّحقيق الذين لا يُحدِّثُونَ النَّاسَ إلَّا بما ثَبَتَ من الحديثِ عن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويُنبِّهُونَهُم على الأحاديث الضَّعيفة، ويحذِّرُونَهم منها، بل إنَّ هؤُلاء هم أقلُّ من القَلِيلِ. فاللهُ المُستَعان.

من أجل ذَلك تَجدُ المُبتَلِينَ بالعَمَل بالأحاديث الضَّعيفَةِ، قد خالَفُوا هذا الشَّرطَ لمخالَفَةً صَرِيحَةً، فإنَّ أحدَهُم - ولو كان من أهل العِلمِ بغير الحديثِ - لا يكادُ يَقِفُ على حديثٍ في فضائل الأَعمَالِ، إلَّا ويُبَادِرُ بالعَمَلِ به دُونَ أن يَعرِف سلامَتَهُ من "الضَّعف الشَّديد" فإذا قُيِّضَ لَهُ من يُنَبِّهُهُ إلى ضَعفِهِ، رَكَنَ فورًا إلى هذه القَاعِدَة المزعُومَة عندهُم: "يُعمَل بالحديث الضَّعيفِ في فضائلِ الأعمال"، فإذا ذُكِّرَ بهذا الشَّرط، سَكَتَ ولم يَنبِس ببِنتِ شِفَةٍ!

ولا أُريدُ أن أذهبَ بعيدًا في ضَربِ الأَمثِلَةِ على ما قُلتُ، فهذا هو العلَّامَةُ أبُو الحَسَنَات اللَّكنَوِيُّ يَنقُلُ في كتابه السَّابق "الأجوبة" (ص:٣٧) عن العلَّامة الشَّيخِ على القَارِي أنَّه قال في حديثِ: "أَفضَلُ الأيَّامِ يومُ عَرَفَةَ إذا وَافَقَ يومَ الجُمُعَة، فهو أفضَلُ من سبعينَ حَجَّةً"، رواهُ رَزِينُ: "أمَّا ما ذكَرَهُ بعضُ المُحدِّثِين في إسنادِ هذا الحديثِ أنَّه ضعيفٌ، فعلَى تقديرِ صِحَّتِهِ (١) لا يضُرُّ المقصُودَ، فإنَّ الحديثَ الضَّعيفَ مُعتَبَرٌ في فضائلِ الأعمال" وأقرَّهُ اللَّكنَوِيُّ.

فتأمَّل أيُّها القارئُ الكريمُ، كيف أَخَلَّ هذان الفَاضِلَان بالشَّرط


(١) يعني: على تقدير صحَّة قول القائل: "إنَّه ضعيفٌ".